ويروى عن الحسن البصري أنه قرأ هذه الآية فقال: انظروا إلى كرم الله. تعالى. أنفس هو خالقها، وأموال هو رازقها، ثم يكافئنا عليها متى بذلناها في سبيله بالجنة.
ثم وصف الله- تعالى- هؤلاء المؤمنين الصادقين بجملة من الأوصاف الكريمة، فقال:
قال الجمل ما ملخصه: ذكر الله- تعالى- في هذه الآية تسعة أوصاف للمؤمنين، الستة الأولى منها تتعلق بمعاملة الخالق، والوصفان السابع والثامن يتعلقان بمعاملة المخلوق، والوصف التاسع يعم القبيلين.
وقوله: التَّائِبُونَ فيه وجوه من الإعراب منها: أنه مرفوع على المدح. فهو خبر لمبتدأ محذوف وجوبا للمبالغة في المدح أى: المؤمنون المذكورون التائبون، ومنها أن الخبر هنا محذوف، أى: التائبون الموصوفون بهذه الأوصاف من أهل الجنة....» «١» .
والمعنى:«التائبون» عن المعاصي وعن كل ما نهت عنه شريعة الله، «العابدون» لخالقهم عبادة خالصة لوجهه، «الحامدون» له- سبحانه- في السراء والضراء، وفي المنشط والمكره، وفي العسر واليسر، «السائحون» في الأرض للتدبر والاعتبار وطاعة الله.
والعمل على مرضاته «الراكعون الساجدون» لله- تعالى- عن طريق الصلاة التي هي عماد الدين وركنه الركين «الآمرون» غيرهم «بالمعروف» أى: بكل ما حسنه الشرع «والناهون» له «عن المنكر» الذي تأباه الشرائع والعقول السليمة، «والحافظون لحدود الله» أى: لشرائعه وفرائضه وأحكامه وآدابه.. هؤلاء المتصفون بتلك الصفات الحميدة، بشرهم. يا محمد. بكل ما يسعدهم ويشرح صدورهم، فهم المؤمنون حقا، وهم الذين أعد الله- تعالى- لهم الأجر الجزيل، والرزق الكريم.
(١) حاشية الجمل على الجلالين بتصريف وتلخيص ج ٢ ص ٣٢١.