أى أنه- سبحانه- عليم بأحوال عباده لا تخفى عليه خافية، وسيجازى المخلصين بما يرضيهم كما سيجازى المنانين والمرائين بما يستحقون. ففي الجملة الكريمة ترغيب وترهيب ووعيد.
وبذلك نرى القرآن الكريم قد ساق في هذه الآية وسابقتها حالتين متقابلتين: حالة الذي يبطل صدقته بالمن والأذى والرياء، وكيف تكون عاقبته ونهايته. وحالة الذي ينفق ماله طلبا لرضا الله وتعويدا لنفسه على فعل الطيبات وكيف يكون جزاؤه عند العليم الخبير ولقد صور القرآن هاتين الحالتين تصويرا مؤثرا بديعا، من شأنه أن يهدى العقلاء إلى فعل الخيرات، وإخلاص النيات، واجتناب السيئات.
ثم ساق القرآن آية كريمة حذر فيها الناس من ارتكاب ما نهى الله عنه وبين فيها كيف أن المن والأذى والرياء وما يشبه ذلك من رذائل يؤدى إلى ذهاب الشيء النافع من بين يدي صاحبه وهو أحوج ما يكون إليه. استمع إلى القرآن وهو يصور نهاية هذا الإنسان البائس.
قوله: أَيَوَدُّ هو من الود بمعنى المحبة الكاملة للشيء وتمنى حصوله، والاستفهام فيه للإنكار والإعصار ريح عاصفة تنعكس من الأرض إلى السماء مستديرة كالعمود، وهي التي يسميها بعض الناس زوبعة. وسميت إعصارا لأنها تعصر ما تمر به من الأجسام، أو تلتف كما يلتف الثوب المعصور. والريح مؤنثة وكذا سائر أسمائها إلا الإعصار فإنه مذكر ولذا قيل فِيهِ نارٌ أى سموم وصواعق.
والمعنى: أيحب أحدكم- أيها المنانون المراءون- أن تكون له جنة معظم شجرها مِنْ