وبذلك نرى أن الآية الكريمة وإن كانت قد رخصت في زواج الإماء عند الضرورة الشديدة إلا أنها حضت المؤمنين على الصبر عن نكاحهن لما في نكاحهن من أضرار يأباها الشخص العزيز النفس، الكريم الخلق. والسبيل الأمثل للزواج بهن يكون بعد شرائهن وإعتاقهن، وبذلك يقل الرقيق ويكثر الأحرار ولذا لو جامعها مولاها كان ابنه حرا وكان طريقا لحريتها ومنع بيعها.
وبعد أن بين- سبحانه- فيما سبق من آيات كثيرا من الأوامر والنواهي والمحرمات والمباحات.. عقب ذلك ببيان جانب من مظاهر فضله على عباده ورحمته بهم فقال- تعالى-:
وقوله- تعالى-: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ استئناف مقرر لما سبق من الأحكام، وقد ساقه- سبحانه- لإيناس قلوب المؤمنين حتى يمتثلوا عن اقتناع وتسليم لما شرعه الله لهم من أحكام.
قال الآلوسى: ومثل هذا التركيب- قوله يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ. وقع في كلام العرب قديما وخرجه النحاة على مذاهب:
فقيل مفعول يُرِيدُ محذوف أى: يريد الله تحليل ما أحل وتحريم ما حرم ونحوه. واللام للتعليل.... ونسب هذا إلى سيبويه وجمهور البصريين.
فتعلق الإرادة غير التبيين، وإنما فعلوه لئلا يتعدى الفعل إلى مفعوله المتأخر عنه باللام وهو ممتنع أو ضعيف.
وذهب بعض البصريين إلى أن الفعل مؤول بالمصدر من غير سابك، كما قيل به في قولهم:
«تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» أى إرادتى كائنة للتبيين. وفيه تكلف.