للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢- نهيهم عن تمكين المشركين من قربان المسجد الحرام، وإزالة الوساوس التي قد تخطر ببالهم بسبب هذا النهى، بأن وعدهم- سبحانه- بأنه سيعطيهم من فضله ما يغنيهم عن المكاسب التي تأتيهم عن طريق تبادل المنافع مع المشركين في موسم الحج.

هذه أهم الموضوعات التي تعرضت لها سورة التوبة في ثمان وعشرين آية من أولها إلى هنا.

وهي موضوعات وضحت. كما أسلفنا. الأحكام النهائية في علاقات المسلمين بالمشركين عبدة الأوثان.

ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك سبع آيات بينت فيها ما يجب أن يكون عليه موقف المسلمين من المنحرفين من أهل الكتاب، كما حكت بعض أقوالهم الذميمة، وأفعالهم القبيحة، التي تدعو المسلمين إلى قتالهم حتى يخضعوا لسلطان الإسلام، وقد بدئت هذه الآيات بقوله- تعالى-

[[سورة التوبة (٩) : آية ٢٩]]

قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩)

قال الإمام الرازي: اعلم أنه لما ذكر- سبحانه- حكم المشركين في إظهار البراءة من عهدهم، وفي إظهار البراءة عنهم في أنفسهم، وفي وجوب مقاتلتهم، وفي تبعيدهم عن المسجد الحرام.. ذكر بعده حكم أهل الكتاب، وهو أن يقاتلوا إلى أن يعطوا الجزية فحينئذ يقرون على ما هم عليه بشرائط، ويكونون عند ذلك من أهل الذمة والعهد «١» .

وقال ابن كثير ما ملخصه: هذه الآية أول أمر نزل بقتال أهل الكتاب- اليهود والنصارى. وكان ذلك في سنة تسع، ولهذا تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتال الروم، ودعا الناس إلى ذلك، وأظهره لهم، وبعث إلى أحياء العرب حول المدينة، فندبهم فأوعبوا معه، واجتمع من المقاتلة نحو من ثلاثين ألفا، وتخلف بعض الناس من أهل المدينة. ومن حولها من المنافقين وغيرهم، وكان ذلك في عام جدب، ووقت قيظ حر. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) تفسير الفخر الرازي ج ١٦ ص ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>