للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى القادر الذي لا يغلب على أمره، العالم الذي يدبر الأمور على وفق المصلحة، ومن كان قادرا على كل ما يريد، عليما بوجوه المصالح، كانت استجابته قريبة من دعاء الخير الصادر عن إخلاص وابتهال.

وقد جاء ترتيب هذه الجمل في أسمى درجات البلاغة والحكمة لأن أول تبليغ الرسالة يكون بتلاوة القرآن ثم بتعليم معانيه، ثم بتعليم العلم النافع الذي تحصل به التزكية والتطهير من كل ما لا يليق التلبس به في الظاهر، أو الباطن.

وقد سأل إبراهيم وإسماعيل ربهما أن تكون بعثة الرسول في ذريتهما فيكون أمر الإيمان قريبا منهم، فإن نشأته بينهم، ومعرفة سيرته قبل الرسالة وشهادتهم له بالصدق والأمانة، وكل ذلك يحمل العقلاء على المبادرة إلى تصديقه فيما يبلغه عن ربه.

ولقد حقق الله تعالى دعوة هذين النبيين الكريمين، فأرسل في ذريتهما رسولا منهم، وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم أرسله إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا.

وقد أخبر صلّى الله عليه وسلّم أنه دعوة إبراهيم، فقال: (أنا دعوة أبى إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمى التي رأت، وكذلك أمهات المؤمنين يرين) .

ثم عرض القرآن بعد ذلك بالجاحدين والمعاندين الذين تركوا الحق الواضع الذي هو ملة إبراهيم فقال:

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٣٠ الى ١٣٤]

وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٣١) وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢) أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>