ثم ختم- سبحانه- الحديث عن شعائر الحج، بتوجيه عباده إلى وجوب الإخلاص له، والاستجابة لأمره، وشكره على نعمه، فقال- تعالى-: لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ....
أى: لن يصل إلى الله- تعالى- لحم هذه الأنعام ودماؤها، من حيث هي لحوم ودماء، ولكن الذي يصل إليه- سبحانه- ويثيبكم عليه، هو تقواكم ومراقبتكم له- سبحانه- وخوفكم منه، واستقامتكم على أمره وإخلاصكم العبادة له.
قالوا: وفي هذا إشارة إلى قبح ما كان يفعله المشركون، من تقطيعهم للحوم الأنعام، ونشرها حول الكعبة، وتلطيخها بالدماء، وتحذير للمسلمين من أن يفعلوا فعل هؤلاء الجهلاء، إذ رضا الله- تعالى- لا ينال بذلك، وإنما ينال بتقوى القلوب.
ثم كرر- سبحانه- تذكيره إياهم بنعمه، ليكون أدعى إلى شكره وطاعته فقال:
كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ، لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ.
أى: كهذا التسخير العجيب الذي ترونه سخرنا لكم هذه الأنعام لكي تكبروا الله وتعظموه وتقدسوه بسبب هدايته لكم إلى الإيمان.
وبذلك ترى أن سورة الحج قد سبحت بنا سبحا طويلا في حديثها عن البيت الحرام، وعن آداب الحج ومناسكه وأحكامه، وعن الجزاء الحسن الذي أعده- تعالى- للمستجيبين لأمره.
وبعد هذا الحديث عن الشعائر والمناسك، أذن- سبحانه- للمؤمنين بالقتال في سبيله، للدفاع عن دينه وشعائره، ووعدهم- عز وجل- بالنصر متى نصروه وحافظوا على فرائضه ... فقال- تعالى-:.