مكة، في تكذيبهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو سيد المرسلين، وخاتم النبيين.
روى ابن أبى حاتم، بسنده- عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما خرج من مكة إلى الغار، التفت إليها وقال: يا مكة: أنت أحب بلاد الله إلى الله وأنت أحب بلاد الله إليّ، ولو أن المشركين لم يخرجونى لم أخرج منك.. فأنزل الله هذه الآية «١» .
ثم واصلت السورة الكريمة حديثها في الموازنة والمقارنة بين حال المؤمنين وحال الكافرين.
والاستفهام في قوله- تعالى-: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ للإنكار والنفي، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه السياق، و «من» مبتدأ، والخبر قوله كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ. والبينة: ما يتبين به الحق من كل شيء، كالنصوص الصحيحة في النقليات والبراهين السليمة في العقليات.
والمراد بمن كان على بينة من ربه: الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأتباعه، والمراد بمن زين له سوء عمله، واتبعوا أهواءهم: المشركون الذين استحبوا العمى على الهدى.
والمعنى: أفمن كان على بينة من أمر ربه، وعلى طريقة سليمة من هديه، يستوي مع من كان على ضلالة من أمره، بأن ارتكب الموبقات مع توهمه بأنها حسنات، واتبع هواه دون أن يفرق بين القبيح والحسن؟ لا شك أنهما لا يستويان في عقل أى عاقل. فإن الفريق الأول