للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الثعلبي: وما نفى، أى ليس لهم الاختيار على الله. وهذا أصوب، كقوله- تعالى: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ.. «١» .

وقوله- تعالى-: سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ تنزيه له- عز وجل- عن الشرك والشركاء.

أى تنزه الله- تعالى- وتقدس بذاته وصفاته عن إشراك المشركين، وضلاك الضالين.

ثم بين- سبحانه- أن علمه شامل لكل شيء فقال: وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ.

أى: وربك- أيها الرسول الكريم- يعلم علما تاما ما تخفيه صدور هؤلاء المشركين من أسرار، وما تعلنه من أقوال، وسيحاسبهم على كل ذلك حسابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

وَهُوَ اللَّهُ- سبحانه- لا إله إلا هو يستحق العبادة والخضوع لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ.

أى: في الدنيا، وله الحمد- أيضا- في الآخرة، وله وحده الْحُكْمُ النافذ وَإِلَيْهِ وحده تُرْجَعُونَ للحساب لا إلى غيره.

ثم أمر- سبحانه- نبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يذكر الناس بمظاهر قدرته- سبحانه- في هذا الكون، وأن يوقظ مشاعرهم للتأمل في ظاهرتين كونيتين، هما الليل والنهار، فإن التدبر فيما اشتملتا عليه من تنظيم دقيق، من شأنه أن يبعث على الإيمان بقدرة موجدهما، وهو الله عز وجل. قال- تعالى-:

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٧١ الى ٧٥]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٣) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥)


(١) تفسير القرطبي ج ١٣ ص ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>