للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: أن الأرزاق بيد الله- تعالى- لا تنال إلا بمشيئته، فمن ظن أن الله- تعالى- غير رازقه، ولم يصبر ولم يستسلم فليختنق، فإن ذلك لا يقلب القسمة ولا يرده مرزوقا.

والغرض: الحث على الرضا بما قسمه الله- تعالى- لا كمن يعبده على حرف ... «١» .

وثالثها: أن الآية في قوم من المسلمين استبطئوا نصر الله- تعالى- لاستعجالهم وشدة غيظهم وحنقهم على المشركين، فنزلت الآية لبيان أن كل شيء عند الله بمقدار.

ويكون المعنى: من كان من الناس يظن أن لن ينصره الله، واستبطأ حدوث ذلك، فليمت غيظا. لأن للنصر على المشركين وقتا لا يقع إلا فيه بإذن الله ومشيئته.

ويبدو أن أقرب الأقوال إلى الصواب، القول الأول، وعليه جمهور المفسرين، ويؤيده قوله- تعالى-: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ «٢» .

وقوله- سبحانه-: ... وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ، قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «٣» .

ثم مدح- سبحانه- القرآن الكريم فقال: وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ ... أى:

ومثل ذلك الإنزال البليغ الواضح، أنزلنا القرآن آيات بينات الدلالة على معانيها الحكيمة، وتوجيهاتها السديدة.

وأن الله- تعالى- يهدى من يريد هدايته إلى صراطه المستقيم، فهو الهادي الذي ليس هناك من هاد سواه.

ثم بين- سبحانه- أن مرد الفصل بين الفرق المختلفة إليه وحده. إذ هو العليم بكل ما عليه كل فرقة من حق أو باطل، فقال- تعالى-:

[[سورة الحج (٢٢) : آية ١٧]]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧)


(١) تفسير الآلوسى ج ١٧ ص ١٢٧.
(٢) سورة غافر الآية ٥١.
(٣) سورة آل عمران الآية ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>