للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا: نعمة إيتاء موسى التوراة لهدايتهم.

ثم ذكرهم- سبحانه- بنعمة خامسة فيها صلاح أمورهم، وانتظام شئونهم ألا وهي إعطاء نبيهم موسى- عليه السلام- التوراة، فقال تعالى:

[[سورة البقرة (٢) : آية ٥٣]]

وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣)

ومعنى الآية الكريمة: اذكروا يا بنى إسرائيل نعمة إعطاء نبيكم موسى- عليه السلام- التوراة، وفيها الشرائع والأحكام، لكي تهتدوا بها إلى طريق الفلاح والرشاد في الدنيا، وإلى الفوز بالسعادة في الآخرة.

فالمراد بالكتاب التوراة التي أوتيها موسى- عليه السلام- فأل للعهد.

والفرقان- بضم الفاء- مأخوذ من الفرق وهو الفصل، استعير لتمييز الحق من الباطل وقد يطلق لفظ الفرقان على الكتاب السماوي المنزل من عند الله كما في قوله تعالى تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ «١» كما يطلق على المعجزة كما في قوله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ «٢» أى المعجزات لأن هارون لم يؤت وحيا.

والمراد بالفرقان هنا التوراة نفسها ويكون المراد بالعطف التفسير.

قال ابن جرير ما ملخصه: (وأولى الأقوال بتأويل الآية ما روى عن ابن عباس وأبى العالية ومجاهد، من أن الفرقان الذي ذكر الله تعالى أنه آتاه موسى في هذا الموضع، هو الكتاب الذي فرق به بين الحق والباطل وهو نعت للتوراة وصفة لها، فيكون تأويل الآية حينئذ.

وإذ آتينا موسى التوراة التي كتبناها له في الألواح، وفرقنا بها بين الحق والباطل. فيكون الكتاب نعتا للتوراة، أقيم مقامها استغناء به عن ذكر التوراة ثم عطف عليه بالفرقان، إذ كان من نعتها) «٣» .

وقوله تعالى: لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ بيان لثمرة المنة والنعمة بإيتاء التوراة لأن إتيان موسى الكتاب والفرقان، المقصود منه هدايتهم، وإخراجهم من الظلمات إلى النور.

ولكن ماذا كان موقف بنى إسرائيل من التوراة التي أنزلها الله لهدايتهم وسعادتهم؟ كان


(١) سورة الفرقان الآية ١.
(٢) سورة الأنبياء الآية ٤٨.
(٣) تفسير ابن جرير ج ١ ص ٢٨٥ طبعة الحلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>