وكرر- سبحانه- خرورهم على وجوههم ساجدين لله- تعالى- لاختلاف السبب، فهم أولا أسرعوا بالسجود لله تعظيما له- سبحانه- وشكرا له على إنجازه لوعده.
وهم ثانيا أسرعوا بالسجود، لفرط تأثرهم بمواعظ القرآن الكريم.
فأنت ترى هاتين الآيتين قد أمرتا النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن المشركين، وباحتقارهم وبازدراء شأنهم، فإن الذين هم خير منهم وأفضل وأعلم قد آمنوا.
وفي ذلك ما فيه من التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكأن الله- تعالى- يقول له: يا محمد تسلّ عن إيمان هؤلاء الجهلاء، بإيمان العلماء.
هذا، وقد أخذ العلماء من هاتين الآيتين أن البكاء من خشية الله، يدل على صدق الإيمان، وعلى نقاء النفس، ومن الأحاديث التي وردت في فضل ذلك، ما أخرجه الترمذي عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله» .
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بآيتين دالتين على تفرده- سبحانه- بالتقديس والتعظيم والتمجيد والعبادة، فقال- تعالى-:
ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى-: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى.. ذكروا روايات منها: ما أخرجه ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال: وصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ذات يوم فدعا الله- تعالى- فقال:
يا الله، يا رحمن، فقال المشركون: انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو