للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَمَسُّهُ هل هو حقيقة في المس بالجارحة أو معنى؟ وكذلك اختلف في الْمُطَهَّرُونَ من هم؟ ..

فقال أنس وسعيد بن جبير: لا يمس ذلك الكتاب إلا المطهرون من الذنوب وهم الملائكة..

وقيل المراد بالكتاب: المصحف الذي بأيدينا، وهو الأظهر، وقد روى مالك وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في كتابه الذي كتبه إلى شرحبيل بن كلال ... «ألا يمس القرآن إلا طاهر» .

وقالت أخت عمر لعمر عند إسلامه: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ فقام واغتسل. ثم أخذ الصحيفة التي بيدها، وفيها القرآن.

ثم قال: واختلف العلماء في مس المصحف على غير وضوء: فالجمهور على المنع ...

وفي مس الصبيان إياه على وجهين: أحدهما المنع اعتبارا بالبالغ والثاني الجواز، لأنه لو منع لم يحفظ القرآن. لأن تعلمه حال الصغر، ولأن الصبى وإن كانت له طهارة إلا أنها ليست بكاملة، لأن النية لا تصح منه، فإذا جاز أن يحمله على طهارة، جاز أن يحمله محدثا «١» .

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات الكريمة بقوله: تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أى: هذا الكتاب الكريم منزل من رب العالمين، لا رب سواه، ولا خالق غيره، وبذلك يرى: أن هذه الآيات الكريمة، قد وصف الله- تعالى- فيها القرآن الكريم، بجملة من الصفات الجليلة، فقد وصفه- سبحانه- بأنه كريم، ووصفه بأنه مصون ومحفوظ من أن يمسه أحد سوى ملائكته المقربين، وسوى عباده المطهرين من الأحداث، ووصفه بأنه منزل من عنده لا من عند أحد سواه كما زعم أولئك الجاهلون.

ثم تتحدث السورة في أواخرها. بأسلوب مؤثر، عن لحظات الموت. وعن اللحظات التي يفارق الإنسان فيها هذه الحياة، وأحباؤه من حوله لا يملكون له نفعا.. وعن بيان الحالة التي يكون عليها هذا المفارق لهم، فتقول:

[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٨١ الى ٩٦]

أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥)

فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠)

فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥)

فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦)


(١) تفسير القرطبي ج ١٧ ص ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>