والاستفهام في قوله- تعالى-: أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ للإنكار والتوبيخ.
وهو داخل على مقدر.
والمراد بالحديث: القرآن الكريم، وما تضمنه من هدايات وإرشادات وتشريعات..
وقوله: مُدْهِنُونَ من الإدهان وأصله جعل الجلد ونحوه مدهونا بشيء من الدهن ليلين، ثم صار حقيقة عرفية في الملاينة والمسايرة والمداراة ومنه قوله- تعالى-: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ.
والمراد به هنا: تظاهر المشركين بمهادنة الرسول صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من قرآن كريم، وإبداؤهم من اللين خلاف ما يبطنون من المكر والبغضاء.
ويصح أن يكون الإدهان هنا: بمعنى التكذيب والنفاق، إذ أن هذه المعاني- أيضا- تتولد عن المداهنة والمسايرة.
أى: أتعرضون- أيها المشركون- عن الحق الذي جاءكم به رسولنا صلى الله عليه وسلم فتظهرون أمامه بمظهر المداهن والمهادن، الذي يلين أمام خصمه، ولا يقابله بالشدة والحزم: مع أنه في الوقت نفسه يضمر له أشد أنواع السوء والكراهية؟ ..
إذا كان هذا شأنكم، فاعلموا أن تصرفكم هذا لا يخفى علينا؟! ..
وقوله- سبحانه- وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون معطوف على ما قبله من باب عطف الجملة على الجملة. والكلام على حذف مضاف.
والمعنى: أتعرضون عن هذا القرآن على سبل المداهنة والملاينة، وتجعلون شكر نعمة رزقنا