للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذلك نرى أن هاتين الآيتين الكريمتين قد وصفتا الخالق- عز وجل- بما هو أهله، من قدرة تامة وسلطان نافذ، ورحمة واسعة، وهذا الوصف من شأنه أن يحمل كل عاقل على إخلاص العبادة له- سبحانه- وعلى الاستجابة لكل ما أمر به أو نهى عنه رغبة في ثوابه، ورهبة من عقابه.

وبعد أن بين- سبحانه- أنه هو وحده مالك الملك، وأنه على كل شيء قدير، عقب ذلك بنهي المؤمنين عن موالاة أعدائه بسبب قرابة أو صداقة أو نحوهما، فقال- تعالى-

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٢٨]]

لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨)

أورد المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات:

منها أن جماعة من اليهود كانوا يصادقون جماعة من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة ابن المنذر، وعبد الله بن جبير، وسعيد بن خيثمة لأولئك النفر من الأنصار: اجتنبوا هؤلاء اليهود واحذروا ملازمتهم ومباطنتهم لئلا يفتنوكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم وملازمتهم، فأنزل الله- تعالى- هذه الآية» «١» .

وقوله أَوْلِياءَ جمع ولى، والولاء والتوالي- كما يقول الراغب: أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة ومن حيث الدين ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد.

والولاية- بكسر الواو- النصرة والولاية- بفتحها- تولى الأمر، وقيل هما بمعنى واحد» «٢» .

و «لا» ناهية. والفعل «يتخذ» مجزوم بها، وهو متعد لمفعولين:

أولهما: الْكافِرِينَ.

وثانيهما: أَوْلِياءَ.

والمعنى: لا يحل للمؤمنين أن يتخذوا الكافرين أولياء ونصراء، بل عليهم أن يراعوا ما فيه


(١) تفسير الآلوسى ج ٣ ص ١٢٠.
(٢) مفردات القرآن للراغب الأصفهاني ص ٥٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>