شعيب، ثم حديثا مستفيضا عن قصة موسى مع فرعون ومع بنى إسرائيل.
وقد تكلم الإمام الرازي عن فوائد مجيء قصص هؤلاء الأنبياء مع أقوامهم في هذه السورة بعد أن تحدثت عن أدلة توحيده وربوبيته- سبحانه- فقال: اعلم أنه- تعالى- لما ذكر في تقرير المبدأ والمعاد دلائل ظاهرة، وبينات قاهرة، وبراهين باهرة أتبعها بذكر قصص الأنبياء وفيه فوائد:
أحدها: التنبيه على أن إعراض الناس عن قبول هذه الدلائل والبينات. ليس من خواص قوم النبي صلى الله عليه وسلم بل هذه العادة المذمومة كانت حاصلة في جميع الأمم السالفة، والمصيبة إذا عمت خفت، فكان ذكر قصصهم، وحكاية إصرارهم وعنادهم، يفيد تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وتخفيف ذلك على قلبه.
ثانيها: أنه- تعالى- يحكى في هذه القصص أن عاقبة أمر أولئك المنكرين كان إلى اللعن في الدنيا، والخسارة في الآخرة، وعاقبة أمر المحقين إلى الدولة في الدنيا، والسعادة في الآخرة، وذلك يقوى قلوب المحقين، ويكسر قلوب المبطلين.
وثالثها: التنبيه على أنه- تعالى- وإن كان يمهل هؤلاء المبطلين، ولكنه لا يمهلهم، بل ينتقم منهم على أكمل الوجوه.
ورابعها: بيان أن هذه القصص دالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كان أميّا. وما طالع كتابا ولا تتلمذ على أستاذ. فإذا ذكر هذه القصص على هذا الوجه من غير تحريف ولا خطأ دل ذلك على أنه إنما عرفها بالوحي من الله- تعالى-» «١» .
والآن فلنستمع بتدبر واعتبار إلى السورة الكريمة وهي تحدثنا عن قصة نوح مع قومه فتقول: