للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد كانت قمة عالية تلك الإجارة والأمان لهم في دار الإسلام.. ولكن قمة القمم هذه الحراسة للمشرك- عدو الإسلام والمسلمين- حتى يبلغ مأمنه خارج حدود دار الإسلام.

إنه منهج الهداية لا منهج الإبادة، حتى وهو يتصدى لتأمين قاعدة الإسلام.

إن هذا الدين إعلام لمن لا يعلمون، وإجارة لمن يستجيرون، حتى من أعدائه الذين شهروا عليه السيف وحاربوه وعاندوه.. «١» .

وبعد أن صرحت السورة الكريمة ببراءة الله ورسوله من عهود المشركين الخائنين، وأمرت المؤمنين بإعطائهم مهلة يسيحون فيها في الأرض، ويتدبرون خلالها أمرهم، ثم بعد ذلك على المؤمنين أن يقتلوهم حيث وجدوهم، وأن يستعملوا معهم كل الوسائل المشروعة لإذلالهم، وأن يؤمنوا المشرك الذي يريد أن يسمع كلام الله، وأن يحافظوا عليه حتى يصل إلى مكان استقراره..

بعد كل ذلك أخذت السورة الكريمة في بيان الأسباب التي أوجبت البراءة من عهود المشركين، والحكم التي من أجلها أمر الله بقتالهم والتضييق عليهم فقال- تعالى-:

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٧ الى ١٢]

كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ (٨) اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠) فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١)

وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢)


(١) راجع تفسير (في ظلال القرآن) ج ١ ص ١٤٢ للأستاذ سيد قطب.

<<  <  ج: ص:  >  >>