للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مستدرك فما هو في قوله: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ.

قلت: لما سأل أهل الكتاب إنزال كتاب من السماء، واحتج عليهم بقوله إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قال: لكن الله يشهد. بمعنى: أنهم لا يشهدون لكن الله يشهد ...

ومعنى شهادة الله بما أنزل إليه، إثباته لصحته بإظهار المعجزات، كما تثبت الدعاوى بالبينات وشهادة الملائكة: شهادة بأنه حق وصدق.

فإن قلت: ما معنى قوله: أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ قلت: معناه أنزله متلبسا بعلمه الخاص الذي لا يعلمه غيره. وهو تأليفه على نظم وأسلوب يعجز عنه كل بليغ وصاحب بيان، وموقعه مما قبله موقع الجملة المفسرة، لأنه بيان للشهادة. وقيل: أنزله وهو عالم بأنك أهل لإنزاله إليك وأنك مبلغه. ويحتمل: أنه أنزله وهو عالم به رقيب عليه حافظ له من الشياطين برصد من الملائكة، والملائكة يشهدون بذلك «١» .

هذا، والمتأمل في هذه الآيات الكريمة يراها قد أثبتت صدق النبي صلى الله عليه وسلم في رسالته بالأدلة الساطعة. والحجج الواضحة وبينت وظيفة الرسل- عليهم السلام- وحكمة الله في إرسالهم، وزادت للنبي صلى الله عليه وسلم طمأنينة بأنه على الحق، لأن الله قد شهد له بذلك، وكفى بشهادة الله شهادة، مهما خالفها المخالفون، وأعرض عنها المعرضون.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما عليه الكافرون من ضلال وخسران، وما سيصير إليه حالهم يوم القيامة من ذل ومهانة، ووجه إلى الناس جميعا نداء أمرهم فيه بالإيمان وترك الكفر والعصيان فقال- تعالى-:

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٦٧ الى ١٧٠]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (١٦٧) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (١٦٨) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (١٦٩) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧٠)


(١) تفسير الكشاف ج ١ ص ٥٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>