لا اعوجاج فيه ولا التباس.
ثم بين له- سبحانه- ما يفعله إذا ما لجّوا في منازعتهم له فقال: وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ.
أى: وإن أبوا إلا مجادلتك بعد أن ظهر الحق، ولزمتهم الحجة، فقل لهم- أيها الرسول الكريم- أمرى وأمركم إلى الله- تعالى-، فهو الذي يتولى الحكم بيني وبينكم يوم القيامة، لأنه- سبحانه- هو العليم بحالي وحالكم.
وهذه الجملة الكريمة قد تضمنت تهديدهم على استمرارهم في جدالهم بعد أن تبين لهم الحق، كما تضمنت وجوب إعراض الرسول صلّى الله عليه وسلّم عنهم.
ثم أكد- سبحانه- هذا التهديد والإعراض فقال: اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ أيها المسلمون وبين هؤلاء الكافرين يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ في الدنيا تَخْتَلِفُونَ من أمرنا هذا الدين، وحينئذ يتبين من هو على الحق ومن هو على الباطل، وسيجازى- سبحانه- كل فريق بما يستحقه من ثواب أو عقاب.
ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات بتأكيد علمه بكل شيء فقال: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ ...
أى: لقد علمت- أيها الرسول الكريم- وتيقنت، أن الله- تعالى- لا يعزب عن علمه مثقال ذرة مما يحصل في السموات والأرض من أقوال أو أفعال.
إِنَّ ذلِكَ الذي يجرى في السموات والأرض كائن وثابت فِي كِتابٍ هو اللوح المحفوظ المشتمل على جميع أحوال الخلق.
إِنَّ ذلِكَ الذي ذكرناه لك من الحكم بين الناس، ومن العلم بأحوالهم ومن تسجيل أعمالهم عَلَى اللَّهِ- تعالى- يَسِيرٌ وهين، لأنه- سبحانه- له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين.
ثم وبخ- سبحانه- الكافرين على جهلهم، حيث عبدوا من دونه مالا ينفعهم ولا يضرهم، وحيث كرهوا الحق وأصحابه، فقال- تعالى-:
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٧١ الى ٧٢]
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٧١) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢)