للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل شيء شهيد، بحيث لا يخفى عليه شيء من أحوال خلقه.

قال الجمل ما ملخصه: ولهذه الآية قيل: الأديان ستة. واحد للرحمن وهو الإسلام.

وخمسة للشيطان وهي ما عداه. وإنّ الثانية واسمها وخبرها في محل رفع خبر لإن الأولى.

وقوله: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ تعليل لقوله: إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ..

وكأن قائلا قال: أهذا الفصل عن علم أو لا؟ فقيل: إن الله على كل شيء شهيد. أى:

علم به علم مشاهدة» «١» .

ثم بين- سبحانه- أن الكون كله يخضع لسلطانه- تعالى- ويسجد لوجهه فقال:

[[سورة الحج (٢٢) : آية ١٨]]

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨)

والاستفهام في قوله أَلَمْ تَرَ ... للتقرير. والرؤية هنا بمعنى العلم وذلك لأن سجود هذه الكائنات لله- تعالى- آمنا به عن طريق الإخبار دون أن نرى كيفيته.

والسجود في اللغة: التذلل والخضوع مع انخفاض بانحناء وما يشبهه. وخص في الشرع بوضع الجبهة على الأرض بقصد العبادة.

والمراد به هنا: دخول الأشياء جميعها تحت قبضة الله- تعالى- وتسخيره وانقيادها لكل ما يريده منا انقيادا تاما، وخضوعها له- عز وجل- بكيفية هو الذي يعلمها. فنحن نؤمن بأن هذه الكائنات تسجد لله- تعالى- ونفوض كيفية هذا السجود له- تعالى-.

والمعنى: لقد علمت- أيها العاقل- أن الله- تعالى- يسجد له، ويخضع لسلطانه جميع من في السموات وجميع من في الأرض.


(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>