للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ، وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا «١» .

وقوله- تعالى- ممتنا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى. وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى. وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى. فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ.

وقوله- تعالى- وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ «٢» .

وعند ما نقرأ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم نراه في كثير منها يأمرنا برعاية اليتيم، وبالعطف عليه، وبإكرامه وعدم قهره وإذلاله، ويبشر الذين يكرمون اليتيم بأفضل البشارات، فقد روى البخاري وغيره عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا.

وقال بإصبعيه السبابة والوسطى» - أى: وأشار وفرج بين إصبعيه السبابة والوسطى-.

وإنما اعتنى الإسلام برعاية اليتيم لصغره وعجزه عن القيام بمصالحه، ولأن عدم رعايته سيؤدي إلى شيوع الفاحشة في الأمة ذلك لأن اليتيم إنسان فقد العائل والنصير منذ صغره، فإذا نشأ في بيئة ترعاه وتكرمه وتعوضه عما فقده من عطف أبيه، شب محبا لمن حوله وللمجتمع الذي يعيش فيه. وإذا نشأ في بيئة تقهره وتذله وتظلمه نظر إلى من حوله وإلى المجتمع كله نظرة العدو إلى عدوه، وصار من الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون لأنه سيقول لنفسه: إذا كان الناس لم يحسنوا إلى فلماذا أحسن إليهم؟ وإذا كانوا قد حرموني حقي الذي منحه الله لي، فلماذا أعطيهم شيئا من خيرى وبرى؟

لهذه الأسباب وغيرها أمر الإسلام أتباعه برعاية اليتيم وإكرامه وصيانة حقوقه من أى اعتداء أو ظلم.

وبعد أن يبين- سبحانه- ما يجب على الرجال نحو النساء من إعطائهن حقوقهن، وما يجب على الجميع نحو اليتامى من إكرامهم والمحافظة على أموالهم.... بعد أن بين- سبحانه- ذلك، شرع في بيان حقوق أكثر الوارثين، بعد أن أجملها في قوله- تعالى- لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ فقال- تعالى:


(١) سورة الإسراء الآية ٣٤. [.....]
(٢) سورة البقرة الآية: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>