والمراد بالأبوين: الأب والأم. والتثنية على لفظ الأب للتغليب.
وقوله لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا بدل من قوله وَلِأَبَوَيْهِ بتكرير العامل وهو اللام في قوله لِكُلِّ. وفائدة هذا البدل أنه لو قيل: ولأبويه السدس لكان ظاهره اشتراكهما فيه.
وقوله السُّدُسُ بيان للنصيب الذي يستحقه كل واحد من الأبوين.
أى: أن لكل واحد من أبوى الميت السدس مما ترك من المال إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ أى: إن كان لهذا الميت ولد ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر قال القرطبي: فرض الله- تعالى- لكل واحد من الأبوين مع الولد السدس، وأبهم الولد فكان الذكر والأنثى فيه سواء. فإن مات رجل وترك ابنا وأبوين فلابويه لكل واحد منهما السدس وما بقي فللابن. فإن ترك ابنة وأبوين فللابنة النصف وللأبوين السدسان وما بقي فلأقرب عصبة وهو الأب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر، فاجتمع للأب الاستحقاق بجهتين التعصيب والفرض»«١» .
والحالة الثانية: وهي ما إذا مات وورثه أبواه، وقد بين- سبحانه- حكمها بقوله: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ.
أى فإن لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن وورثه أبواه فقط، ففي هذه الحالة يكون لأم الميت ثلث التركة، ولأبيه الباقي من التركة وهو الثلثان، إذ لا وارث له سواهما. فإذا كان معهما أحد الزوجين كان للأم ثلث الباقي بعد نصيب الزوج أو الزوجة وثلثاه للأب وهذا رأى جمهور الصحابة وهو الذي اختاره الأئمة الأربعة وأكثر فقهاء الأمصار.
أما الحالة الثالثة: وهي ما إذا مات الميت وترك الأبوين ومعهما إخوة أو أخوات فقد بين- سبحانه- حكمها بقوله: «فإن كان له إخوة فلأمه السدس أى: فإن كان للميت إخوة من الأب والأم. أو من الأب فقط، أو من الأم فقط ذكورا كانوا أو إناثا أو مختلطين ففي هذه الحالة يكون لأم الميت سدس التركة والباقي للأب ولا ميراث للإخوة لحجبهم بالأب وبهذا نرى أن إخوة الميت ينقصون الأم من الثلث إلى السدس وإن كانوا محجوبين بالأب.
وإذ شرط الله في إنقاص نصيبها من الثلث إلى السدس الجماعة من الإخوة علم أن الأخ الواحد لا يحجبها عن الثلث بل يبقى لها الثلث.
أما الأخوان فيرى جمهور الصحابة والعلماء المجتهدين أنهما ينقصانها من الثلث إلى السدس.
لأنه قد ورد في اللغة إطلاق الجمع على الاثنين كما في قوله- تعالى- إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما.