فاستعيرت للقرابة من غير جهة الولد والوالد لأنها بالإضافة إلى قرابتهما كالّة ضعيفة. وعن أبى بكر الصديق- رضى الله عنه- أنه سئل عن الكلالة فقال: الكلالة: من لا ولد له ولا والد» «١» .
والظاهر أن كلمة «كلالة هنا وصف للميت الموروث، لأنها حال من نائب فاعل قوله:
يُورَثُ وهو ضمير الميت الموروث. والتقدير: وإن كان رجل موروثا حال كونه كلالة. أى لم يترك ولدا ولا والدا. ويرى بعضهم أن كلمة كلالة هنا: وصف للوارث الذي ليس بولد ولا والد للميت. لأن هؤلاء الوارثين يتكللون الميت من جوانبه، وليسوا في عمود نسبه، كالإكليل يحيط بالرأس، ووسط الرأس منه خال. من تكلله الشيء إذا أحاط به. فسمى هؤلاء الأقارب الذين ليسوا من أصول الميت أو من فروعه كلالة، لأنهم أطافوا به من جوانبه لا من عمود نسبه. وعلى هذا الرأى يكون المعنى وإن كان رجل يورث حال كونه ذا وارث هو كلالة.
أى أن وارثه ليس بولد ولا والد له.
والمراد بالإخوة والأخوات هنا: الإخوة والأخوات لأم، بدليل قراءة سعد بن أبى وقاص:
«وله أخ أو أخت من أم» . ويدل عليه- أيضا- أن الله- تعالى- ذكر ميراث الإخوة مرتين:
هنا مرة، ومرة أخرى في آخر آية من هذه السورة وهي قوله: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ.
وقد جعل- سبحانه- في الآية التي معنا للواحد السدس وللأكثر الثلث شركة، وجعل في الآية التي في آخر السورة للأخت الواحدة النصف، وللاثنتين الثلثين، فوجب أن يكون الإخوة هنا وهناك مختلفين دفعا للتعارض. ولأنه لما كان الإخوة لأب وأم أو لأب فحسب أقرب من الإخوة لأم، وقد أعطى- سبحانه- الأخت والأختين والإخوة في آخر السورة نصيبا أوفر، فقد وجب حمل الإخوة في آخر السورة على الأشقاء أو الإخوة لأب. كما وجب حمل الإخوة والأخوات هنا على الإخوة لأم.
والمعنى: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أى: يورث من غير أصوله أو فروعه أَوِ امْرَأَةٌ أى: تورث كذلك من غير أصولها أو فروعها.
والضمير في قوله وَلَهُ يعود لذلك الشخص الميت المفهوم من المقام. أو لواحد منهما- أى الرجل والمرأة- والتذكير للتغليب. أو يعود للرجل واكتفى بحكمه عن حكم المرأة لدلالة العطف على تشاركهما في هذا الحكم.