ثانيا: أن الآيتين الكريمتين قد بينتا الوارثين والوارثات ونصيب كل وارث بالأوصاف التي جعلها الله- تعالى- سببا في استحقاق الإرث كالبنوة والأبوة والزوجية والأخوة. وقد ألغتا بالنسبة إلى أصل الاستحقاق الذكورة والأنوثة والصغر والكبر وجعلتا للكل حقا معينا في الميراث. وبهذا أبطلتا ما كان عليه الجاهليون من جعل الإرث بالنسب مقصورا على الرجال دون النساء والأطفال، وكانوا يقولون: «لا يرث إلا من طاعن بالرماح، وذاد عن الحوزة، وحاز الغنيمة» .
ثالثا: أن قوله- تعالى-: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ إلخ يعم أولاد المسلمين والكافرين والأحرار والأرقاء والقاتلين عمدا وغير القاتلين إلا أن السنة النبوية الشريفة قد خصصت بعض هذا العموم، حيث أخرجت الكافر من هذا العموم لحديث:
«لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» وعلى هذا سار جمهور العلماء فلم يورثوا مسلما من كافر ولا كافرا من مسلم.
وذهب بعضهم إلى أن الكافر لا يرث المسلم ولكن المسلم يرث الكافر.
كذلك نص العلماء على أن الحر والعبد لا يتوارثان لأن العبد لا يملك، وعلى أن القاتل عمدا لا يرث من قتله معاملة نفسه بمقصوده.
رابعا: أن نصيب الأولاد إذا كانوا ذكورا وإناثا يكون بعد أن يأخذ الأبوان والأجداد والجدات وأحد الزوجين أنصبتهم.
وأن الأولاد يطلقون على فروع الشخص من صلبه. أى أبنائه وأبناء أبنائه، وبنات أبنائه.
وأن أبناء الشخص وبناته يقدمن على أبناء أبنائه وبنات أبنائه. أى أن الطبقة الأولى تستوفى حقها في الميراث قبل من يليها.
وأن الأبناء والأبوين والزوجين لا يسقطون من أصل الاستحقاق للميراث بحال، إلا أنهم قد يؤثر عليهم وجود غيرهم في المقدار المستحق.
وأنه متى اجتمع في المستحقين للميراث ذكور وإناث من درجة واحدة، أخذ الذكر مثل حظ الأنثيين إلا ما سبق لنا استثناؤه.
خامسا: لا يجوز للمورث أن يسيء إلى ورثته لا عن طريق الوصية ولا عن طريق الدين ولا عن أى طريق آخر، لأن الله- تعالى- قد نهى عن المضارة فقال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ.
وإن بدء الآيتين الكريمتين بقوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ.