للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتداء، فرفعها الله- تعالى- بما شرعه من تعاليم إسلامية من تلك الهوة التي كانت فيها، وقرر لها حقوقها، ونهى عن الاعتداء عليها.

ومن مظاهر ذلك أنه حرم أن تكون موروثة كما يورث المال. وكذلك حرم عضلها وأخذ شيء من صداقها إلا إذا أتت بفاحشة مبينة. وأمر الرجال بأن يعاشروا النساء بالمعروف، وأن يصبروا على أخطائهن رحمة بهن.

٢- جواز الإصداق بالمال الكثير: لأن الله- تعالى- قال: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً.

والقنطار: المال الكثير الذي هو أقصى ما يتصور من مهور.

قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى- وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً دليل على جواز المغالاة في المهور، لأن الله- تعالى- لا يمثل إلا بمباح.

وخطب عمر- رضى الله عنه- فقال: ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا من بناته فوق اثنتي عشرة أوقية. فقامت إليه امرأة فقالت:

يا عمر. يعطينا الله وتحرمنا!! أليس الله تعالى- يقول: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً؟ فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر..

وفي رواية أنه أطرق ثم قال: امرأة أصابت ورجل أخطأ وترك الإنكار.

ثم قال القرطبي: وقال قوم: لا تعطى الآية جواز المغالاة في المهور، لأن التمثيل بالقنطار إنما هو على جهة المبالغة: كأنه قال: وآتيتم هذا القدر العظيم الذي لا يؤتيه أحد..

ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن أبى حدرد- وقد جاءه يستعين في مهره فسأله عنه فقال: مائتين، فغضب صلى الله عليه وسلم وقال: كأنكم تقطعون الذهب والفضة من عرض الحرة» أى من ذلك المكان الذي به حجارة نخرة سود- فاستنتج بعض الناس من هذا منع المغالاة في المهور» «١» .

والذي نراه ان الآية الكريمة وإن كانت تفيد جواز الإصداق بالمال الجزيل، إلا ان الأفضل عدم المغالاة في ذلك، مع مراعاة أحوال الناس من حيث الغنى والفقر وغيرهما.

ولقد ورد ما يفيد الندب إلى التيسير في المهور. فقد أخرج أبو داود والحاكم من حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خير الصداق أيسره» «٢» .

٣- أن الرجل إذا أراد فراق امرأته. فلا يحل له أن يأخذ منها شيئا مادام الفراق بسببه ومن


(١) تفسير القرطبي ج ٥ ص ٩٩ بتصرف وتلخيص.
(٢) أخرجه أبو داود في باب «من تزوج ولم يسم صداقا حتى مات «من كتاب النكاح ج ٢ ص ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>