تقوية علة الحرمة أو أنه ذكر للتشنيع عليهم، إذ أن نكاحها محرم عليهم في جميع الصور إلا أنه يكون أشد قبحا في حالة وجودها في حجره هذا رأى عامة الصحابة والفقهاء.
ولكن هناك رواية عن مالك بن أوس عن على بن أبى طالب أنه قال: الربيبة لا يحرم نكاحها على زوج الأم إلا إذا كانت في حجره أخذا بظاهر الآية الكريمة. وقد أخذ بذلك داود الظاهري وأشياعه.
وأصحاب الرأى الأول لم يعتدوا بهذه الرواية المروية عن على- رضى الله عنه- وأما عن الشرط الثاني- وهو أن يكون الزوج قد دخل بأم الربيبة- فقد أخذ به العلماء إلا أنهم اختلفوا في معنى الدخول فقال بعضهم: معناه الوطء والجماع. وقال بعضهم: معناه التمتع كاللمس والقبلة، فلو حصل منه مع الأم ما يشبه ذلك حرم عليه نكاح ابنتها من غيره.
قال القرطبي ما ملخصه: اتفق الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل بالأم، وإن لم تكن الربيبة في حجره. وشذ بعض المتقدمين وأهل الظاهر فقالوا: لا تحرم عليه الربيبة إلا أن تكون في حجر المتزوج بأمها. ثم قال وقوله- تعالى- فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ يعنى الأمهات فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ يعنى في نكاح بناتهن إذا طلقتموهن أو متن عنكم.
وأجمع العلماء على أن الرجل إذا تزوج المرأة ثم طلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها حل له نكاح ابنتها. واختلفوا في معنى الدخول بالأمهات الذي يقع به التحريم للربائب. فروى عن ابن عباس أنه قال: الدخول: الجماع. واتفق مالك والثوري وأبو حنيفة على أنه إذا مسها بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها وحرمت على الأب والابن، وهو أحد قولي الشافعى ... ) «١» .
والحكمة في تحريم الربائب على أزواج أمهاتهن أنهن حينئذ يشبهن البنات الصلبيات بالنسبة لهؤلاء الأزواج، بسبب ما يجدنه منهم من رعاية وتربية في العادة، ولأنه لو أبيح للرجل أن يتزوج ببنت امرأته التي دخل بها، لأدى ذلك إلى تقطيع الأرحام بين الأم وابنتها. ولأدى ذلك أيضا إلى الانصراف عن رعاية هؤلاء الربائب خشية الرغبة في الزواج بواحدة منهن.
ثم بين- سبحانه- نوعا خامسا من المحارم فقال. تعالى-: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ.
والحلائل: جمع حليلة وهي الزوجة. وسميت بذلك لحلها للزوج وحل الزوج لها، فكلاهما حلال لصاحبه. ويقال للزوج حليل.