للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» .

فإن قيل: جاء في روايات أخرى أن من الكبائر «اليمين الغموس» و «قول الزور» و «عقوق الوالدين» ؟ قلنا في الجواب: إن ذلك محمول على أنه صلى الله عليه وسلم ذكر ما ذكر منها قصدا لبيان المحتاج منها وقت الذكر وليس لحصره الكبائر فيه- فإن النص على هذه السيع بأنهن كبائر لا ينفى ما عداهن» «١» .

والذي نراه أن الذنوب منها الكبائر ومنها الصغائر، وأن الصغائر يغفرها الله لعباده متى اجتنبوا الكبائر وأخلصوا دينهم لله، وأن الكبائر هي ما حذر الشرع من ارتكابها تحذيرا شديدا، وتوعد مرتكبها بسوء المصير، كالإشراك بالله، وقتل النفس بغير حق وغير ذلك من الفواحش التي يؤدى ارتكابها إلى إفساد شأن الأفراد والجماعات والتي ورد النهى عنها في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. وأن الصغائر، هي الذنوب اليسيرة التي يرتكبها الشخص من غير إصرار عليها ولا استهانة بها أو مداومة عليها، بل يعقبها بالتوبة الصادقة والعمل الصالح وصدق الله إذ يقول: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ، ولقد فتح الله- تعالى- لعباده باب التوبة من الذنوب صغيرها وكبيرها حتى لا ييأسوا من رحمته فقال- سبحانه-: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً. يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً. إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ، وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً «٢» ثم نهى- سبحانه- عن التحاسد وعن تمنى ما فضل الله به بعض الناس على بعض من المال ونحوه مما يجرى فيه التنافس، وبين- سبحانه- أنه قد جعل لكل إنسان حقا معينا فيما تركه الوالدان والأقربون فقال- تعالى-:


(١) تفسير الآلوسى ج ٥ ص ١٧. [.....]
(٢) سورة الفرقان: الآيات ٦٨، ٦٩، ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>