للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- ويرى فريق ثالث أن المراد بهم إخوان المؤاخاة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤاخى بين الرجلين من أصحابه وكانت تلك المؤاخاة سببا في التوارث ثم نسخ ذلك بآية الأنفال السابقة.

٤- وقال أبو مسلم الأصفهاني: المراد بهم الأزواج، إذ النكاح يسمى عقدا.

والذي نراه أولى هو القول الأول لكثرة الآثار التي تؤيده، ولأنه هو الذي رجحه جمهور المفسرين، وعليه يكون المعنى: والذين عقدت حلفهم أيمانكم وهم الذين تحالفتم معهم على التناصر وغيره فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ أى فأعطوهم نصيبهم من الميراث وفاء بالعقود والعهود.

قال ابن جرير عند تفسيره لهذه الآية الكريمة. وأولى الأقوال بالصواب في تأويل قوله- تعالى- وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ قول من قال: والذين عقدت أيمانكم على المحالفة، وهم الحلفاء، وذلك أنه معلوم عند جميع أهل العلم بأيام العرب وأخبارها: أن عقد الحلف بينها كان يكون بالأيمان والعهود والمواثيق على نحو ما قد ذكرنا من الروايات في ذلك «١» .

وقال ابن كثير: وقوله وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ أى والذين تحالفتم بالأيمان المؤكدة أنتم وهم فآتوهم نصيبهم من الميراث كما وعدتموهم في الأيمان المغلظة، إن الله شاهد بينكم في تلك العقود والمعاهدات. وقد كان هذا في ابتداء الإسلام ثم نسخ بعد ذلك، وأمروا أن يوفوا من عاقدوا ولا ينشئوا بعد نزول هذه الآية معاقدة «٢» .

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً أى إن الله- تعالى- كان وما زال عالما بجميع الأشياء، ومطلعا على جليها وخفيها، وسيجازى الذين يتمسكون بشريعته بما يستحقون من ثواب. وسيجازى الذين ينحرفون عنها بما يستحقون من عقاب.

فالجملة الكريمة تذييل قصد به الوعد لمن أطاع الله والوعيد لمن عصاه.

ثم بين- سبحانه- حقوق الرجال وحقوق النساء، وما يجب لكل فريق نحو الآخر، ودعا أهل الخير إلى محاولة الإصلاح بين الزوجين إذا ما دب الخلاف بينهما فقال- تعالى-:


(١) تفسير ابن جرير ج ٥ ص ٥٥.
(٢) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٤٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>