للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه- سبحانه- جعل الرجل قواما بصيغة المبالغة. وهو الناظر على الشيء الحافظ له» «١» .

ثم شرع- سبحانه- في تفصيل أحوال النساء. وفي بيان كيفية القيام عليهن بحسب اختلاف أحوالهن، فقسمهن إلى قسمين:

فقال في شأن القسم الأول: فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ.

أى: فالصالحات من النساء من صفاتهن أنهن قانِتاتٌ أى مطيعات لله- تعالى ولأزواجهن عن طيب نفس واطمئنان قلب، ومن صفاتهن كذلك أنهن حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ.

قال صاحب الكشاف: الغيب خلاف الشهادة. أى حافظات لمواجب الغيب. إذا كان الأزواج غير شاهدين لهن، حفظن ما يجب عليهن حفظه في حال الغيبة من الفروج والأموال والبيوت. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال. «خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك، وإن أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها» ، ثم تلا الآية الكريمة «٢» .

و «ما» في قوله بِما حَفِظَ اللَّهُ يحتمل أن تكون مصدرية فيكون المعنى: أن هؤلاء النساء الصالحات المطيعات من صفاتهن أيضا أنهن يحفظن في غيبة أزواجهن ما يجب حفظه بسبب حفظ الله لهن ورعايته إياهن بالتوفيق للعمل الذي يحبه ويرضاه.

ويحتمل أن تكون موصولة فيكون المعنى: أنهن حافظات لغيبة أزواجهن في النفس والعرض والمال وكل ما يجب حفظه بسبب الأمر الذي حفظه الله لهن على أزواجهن حيث كلف الأزواج بالإنفاق عليهن وبالإحسان إليهن، فعليهن أن يحفظن حقوق أزواجهن في مقابلة الذي حفظه الله لهن من حقوق على أزواجهن.

فالجملة الكريمة تمدح النساء الصالحات المطيعات الحافظات لأسرار أزواجهن ولكل ما يجب حفظه من عرض أو مال أو غير ذلك مما تقتضيه الحياة الزوجية.

هذا هو القسم الأول من النساء، أما القسم الثاني فقد قال- سبحانه- في شأنه: وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ والمراد بقوله نُشُوزَهُنَّ عصيانهن وخروجهن عما توجبه الحياة الزوجية من طاعة الزوجة لزوجها. يقال: نشزت الزوجة نشوزا أى: عصت زوجها وامتنعت عليه. وأصل النشوز مأخوذ من النشز بمعنى الارتفاع في وسط الأرض السهلة المنبسطة ويكون شاذا فيها. فشبهت المرأة المتعالية على طاعة زوجها بالمرتفع من الأرض.


(١) تفسير الآلوسى ج ٥ ص ٢٤. [.....]
(٢) تفسير الكشاف ج ١ ص ٥٠٠

<<  <  ج: ص:  >  >>