للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العام، لأن الإشراك ضد التوحيد فيفهم من النهى عن الإشراك الأمر بالتوحيد.

ثم أوصى- سبحانه- بالإحسان إلى الوالدين فقال: وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.

أى: عليكم أن تخلصوا لله العبادة ولا تشركوا معه شيئا، وعليكم كذلك أن تحسنوا إلى الوالدين بأن تطيعوهما وتكرموهما وتستجيبوا لمطالبهما التي يرضاها الله، والتي في استطاعتكم أداؤها.

وقد جاء الأمر بالإحسان إلى الوالدين عقب الأمر بتوحيد الله، لأن أحق الناس بالاحترام والطاعة بعد الله- عز وجل- هما الوالدان لأنهما هما السبب المباشر في وجود الإنسان.

ومن الآيات التي قرنت الأمر بالإحسان إلى الوالدين بالأمر بطاعة الله قوله- تعالى-:

وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.

وقوله- تعالى-: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.

وقوله- تعالى-: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً.

ومن الأحاديث التي أمرت بالإحسان إلى الوالدين ونهت عن الإساءة إليهما ما رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين» .

وروى أبو داود والبيهقي عن رجل من بنى سلمة أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله هل بقي على من بر أبوى شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم. الصلاة عليهما.

والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما» «١» .

وقد جاءت هذه الجملة وهي قوله تعالى وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً في صورة الخبر إلا أن المراد بها الأمر بالإحسان إليهما، ففي الكلام محذوف والتقدير: وأحسنوا بالوالدين إحسانا. فقوله وبالوالدين متعلق بالفعل المقدر.

ثم أمر- سبحانه- بالإحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين فقال: وبذي القربى واليتامى والمساكين.

أى وأحسنوا كذلك إلى أقاربكم الذين جمعت بينكم وبينهم رابطة القرابة والنسب، وإلى اليتامى الذين فقدوا الأب الحانى بأن تعطفوا عليهم، وترحموا ضعفهم، وتحسنوا تربيتهم


(١) التاج الجامع للأصول ج ٥ ص ٦ للشيخ منصور على ناصف.

<<  <  ج: ص:  >  >>