للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومطاوعتهم له هي التي دفعتهم إلى البخل وإلى الرياء وإلى عدم الإيمان بالحق الذي آمن به العقلاء من الناس.

والمراد بالشيطان هنا: كل ما يغرى الإنسان بالشر ويدفعه إليه من الإنس أو الجن.

والقرين: هو المصاحب الملازم للإنسان. فهو فعيل بمعنى مفاعل، كخليط بمعنى المخالط.

وساء هنا: بمعنى بئس. وقرينا تمييز مفسر للضمير المستكن في ساء. والمخصوص بالذم محذوف وهو الشيطان الذي يدفع الإنسان إلى الشرور والآثام.

والمعنى ومن يكن الشيطان مقارنا ومصاحبا له فبئس المصاحب وبئس المقارن الشيطان لأنه يدعوه إلى المعاصي التي تفضى به إلى النار.

وفي الآية الكريمة إشارة إلى أن قرناء السوء يفسدون الأخلاق: لأن عدوى الأخلاق تسرى بالمجاورة، كما تسرى عدوى الأمراض البدنية.

والمقصود من الجملة الكريمة نهى الناس عن طاعة شياطين الإنس والجن الذين يحرضون على ارتكاب الفواحش والقبائح، ويزينون لأتباعهم الشرور والآثام.

ثم وبخ- سبحانه- هؤلاء الذين يؤثرون رضا الناس على رضا الله، والذين كفروا بالحق بعد إذ جاءهم فقال-: وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ.

والمعنى: وأى ضرر على هؤلاء الكافرين البخلاء المرائين لو أنهم آمنوا بالله- تعالى- حق الإيمان، وآمنوا باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب، وأنفقوا مما رزقهم الله من فضله ابتغاء وجهه؟.

إنه لا ضرر مطلقا من إيمانهم وإنفاقهم واستجابتهم للحق، بل إن الخير كل الخير في اتباع ذلك، والشر كل الشر فيما هم عليه من كفر وبخل ورياء.

فالجملة الكريمة توبيخ لهم على سلوكهم الطريق المعوج وتركهم للطريق المستقيم.

وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: قوله وَماذا عَلَيْهِمْ. وأى تبعة عليهم في الإيمان والإنفاق في سبيل الله. والمراد الذم والتوبيخ. وإلا فكل منفعة ومفلحة في ذلك: وهذا كما يقال للمنتقم: ما ضرك لو عفوت وللعاق: ما كان يرزؤك لو كنت بارا. وقد علم أنه لا مضرة ولا مرزأة في العفو والبر. ولكنه ذم وتجهيل وتوبيخ بمكان المنفعة» «١» .

وقوله وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً تذييل قصد به تهديدهم على إيثارهم طريق الغي على طريق الرشد.


(١) تفسير الكشاف ج ١ ص ٥١١. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>