للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: حتى تعلموا ما تقولونه علما يقينيا لا غلط معه ولا تخليط، بأن تعقلوا ما اشتملت عليه الصلاة من تكبير وقراءة وتسبيح ودعاء وغير ذلك مما تقتضيه الصلاة.

قال الآلوسى: وقد روى أنهم كانوا بعد ما أنزلت الآية لا يشربون الخمر في أوقات الصلاة، فإذا صلوا العشاء شربوها فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر وعلموا ما يقولون» «١» .

وقوله وَلا جُنُباً معطوف على قوله وَأَنْتُمْ سُكارى إذ الجملة في موضع النصب على الحال. والاستثناء في قوله إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ مفرغ من أعم الأحوال.

وقوله حَتَّى تَغْتَسِلُوا بيان لغاية المنع بالنسبة للجنب.

والاغتسال: تعميم الجسد كله بالماء. وهو بعد الجنابة طهارة حسية وتنشيط للبدن بعد أن أصابه بعض التعب بسبب الأفعال التي أدت إلى الجنابة. وهو كذلك طهارة نفسية، لأنه يبعث في الإنسان حسن الاستعداد لذكر الله ولأداء الصلاة بعد أن استحكمت الشهوة وسيطرت على صاحبها لفترة من الوقت. فبالاغتسال بعد قضاء الشهوة يتجدد للبدن نشاطه، وللروح صفاؤها وحسن استعدادها لطاعة الله.

ثم شرع- سبحانه- في بيان الأعذار التي تبيح التيمم عند العجز عن الماء فقال: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى، أَوْ عَلى سَفَرٍ، أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ، فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً والمراد بالمرض في قوله- تعالى-: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى: المرض الذي يمنع من استعمال الماء مطلقا، كأن يكون استعمال الماء يزيد المرض شدة، أو يبطئ البرء، فإن الله- تعالى- قد أباح للمريض في هذه الأحوال وأمثالها أن يتيمم بدل الوضوء أو الغسل. كما أباح له- أيضا- أن يتيمم عند فقد الماء أو ما في حكم ذلك.

وقوله: أَوْ عَلى سَفَرٍ في محل نصب عطفا على خبر كان وهو قوله: مَرْضى.

أى: وكذلك أباح الله لكم التيمم عند السفر إذا لم تجدوا ماء، أو كان معكم من الماء ما أنتم في حاجة شديدة إليه، أو كان هناك ما يمنع من استعمال الماء.

وقوله أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ معطوف على قوله: كُنْتُمْ.

والغائط من الغيط. وهو المكان المنخفض من الأرض. وهو هنا كناية عن الحدث لأن العادة جرت على أن من يريد الحدث يذهب إلى ذلك المكان المنخفض ليتوارى عن أعين الناس.


(١) تفسير الآلوسى ج ٥ ص ٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>