للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجملة الكريمة تحريض للمؤمنين على الامتثال لتعاليم الإسلام وآدابه، لأن الإيمان الحق يقتضى ذلك.

واسم الإشارة في قوله: ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا يعود إلى الرد إلى الكتاب والسنة وقوله تَأْوِيلًا من آل هذا الأمر إلى كذا أى رجع إليه، فيكون المعنى: ذلك الذي أمرتكم به من رد ما اختلفتم فيه إلى الكتاب والسنة خير لكم وأحمد مغبة، وأجمل عاقبة.

ويجوز أن يكون قوله تَأْوِيلًا بمعنى التفسير والتوضيح فيكون المعنى:

ذلك أى الرد إلى الكتاب والسنة خير لكم وأحسن تأويلا وتفسيرا من تأويلكم أنتم إياه، من غير رد إلى أصل من الكتاب والسنة. والأول أنسب لسياق الآية الكريمة.

قال ابن كثير: قوله فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ. الآية هذا أمر من الله- تعالى- بأن كل شيء تنازع فيه الناس من أصول الدين وفروعه، أن يردوا التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال- تعالى-: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ. فما حكم به القرآن والسنة وشهد له بالصحة فهو الحق. وماذا بعد الحق إلا الضلال. ولهذا قال- تعالى-: إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. أى: ردوا الخصومات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر. فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة، ولا يرجع إليهما في ذلك، فليس مؤمنا بالله ولا باليوم الآخر «١» .

وقال بعض العلماء: قد يؤخذ من الآية التي معنا أن أدلة الأحكام الشرعية أربعة. وهي:

الكتاب والسنة والإجماع والقياس.. لأن الأحكام إما منصوصة في الكتاب أو السنة وذلك قوله: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ. وإما مجمع عليها من أولى الأمر بعد استنادهم إلى دليل علموه. وذلك قوله وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وإما غير منصوصة ولا مجمع عليها. وهذه سبيلها الاجتهاد والرد إلى الله والرسول وذلك هو القياس.

فما أثبته الفقهاء والأصوليون غير هذه الأربعة كالاستحسان الذي يراه الأحناف دليلا.

وإثبات الأحكام الشرعية تمشيا مع المصالح المرسلة الذي يقول به المالكية، والاستصحاب الذي يقول به الشافعية، كل ذلك إن كان غير هذه الأربعة فمردود بظاهر هذه الآية، وإن كان راجعا إليها فقد ثبت أن الأدلة أربعة «٢» .


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٥١٨.
(٢) تفسير آيات الأحكام ج ٣ ص ١١٩. للشيخ محمد السائس.

<<  <  ج: ص:  >  >>