والمعنى. عليكم- أيها المؤمنون- أن تكونوا دائما على استعداد للقاء أعدائكم، ولا تغفلوا عن كيدهم. فإذا ما حان الوقت لقتالهم فاخرجوا إليهم مسرعين جماعة في إثر جماعة أو فاخرجوا إليهم مجتمعين في جيش واحد، فإن قتالكم لأعدائكم أحيانا يتطلب خروجكم فرقة بعد فرقة، وأحيانا يتطلب خروجكم مجتمعين، فاسلكوا في قتالكم لأعدائكم الطريقة المناسبة لدحرهم والتغلب عليهم.
وقوله ثُباتٍ منصوب على الحال من الضمير في قوله انْفِرُوا وكذلك قوله جَمِيعاً أى انفروا متفرقين أو انفروا مجتمعين أى، ليكن نفوركم على حسب ما تقتضيه طبيعة المعركة.
قال الآلوسى: قوله أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً أى مجتمعين جماعة واحدة. ويسمى الجيش إذا اجتمع ولم ينتشر كتيبة. وللقطعة المنتخبة المقتطعة منه سرية وهي من خمسة أنفس إلى ثلاثمائة أو أربعمائة. وما زاد على السرية فمنسر- كمجلس ومنبر- إلى الثمانمائة. فإن زاد يقال له جيش إلى أربعة آلاف.
فإن زاد يسمى جحفلا. فإن زاد يسمى خميسا وهو الجيش العظيم. وما افترق من السرية يسمى بعثا. والآية وإن نزلت في الحرب لكن فيها إشارة إلى الحث على المبادرة إلى الخيرات كلها كيفما أمكن قبل الفوات» «١» .
ثم كشف- سبحانه- عن فساد نفوس المنافقين وضعاف الإيمان فقال: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ أى: ليتأخرن وليتثاقلن عن الجهاد. من «بطأ» - بالتشديد- بمعنى أبطأ فهو فعل لازم. وقد يستعمل أبطأ وبطأ- بالتشديد- متعديين، وعليه يكون المفعول هنا محذوف أى:
ليبطئن غيره ويثبطه عن الخروج للجهاد في سبيل الله.
وقد جمع المنافقون وضعاف الإيمان بين الأمرين: فقد كانوا يتخلفون عن الجهاد في سبيل الله وينتحلون المعاذير الكاذبة لتخلفهم، ولا يكتفون بذلك بل يحاولون منع غيرهم عن الخروج للجهاد.
والتعبير بقوله لَيُبَطِّئَنَّ تعبير في أسمى درجات البلاغة والروعة، لأنه يصور الحركة النفسية للمنافقين وضعاف الإيمان وهم يشدون أنفسهم شدا، ويقدمون رجلا ويؤخرون أخرى عند ما يدعوهم داعي الجهاد إلى الخروج من أجل إعلاء كلمة الله.
وقد اشتملت الجملة الكريمة على جملة مؤكدات، للاشعار بأن هؤلاء المنافقين لا يتركون