للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبعين، فقد روى عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلّم أنه قال في تفسير هذه الآية. «قال لهم موسى لما رجع من عند ربه بالألواح قد كتب فيها التوراة، فوجدهم يعبدون العجل. فأمرهم بقتل أنفسهم، ففعلوا، فتاب الله عليهم، فقال لهم موسى: (إن هذه الألواح فيها كتاب الله فيه أمركم الذي أمركم به، ونهيكم الذي نهاكم عنه، فقالوا: ومن يأخذ بقولك أنت؟ لا والله حتى نرى الله جهرة، حتى يطلع الله علينا فيقول: هذا كتابي فخذوه، فما له لا يكلمنا كما يكلمك أنت يا موسى؟! وقرأ قول الله تعالى: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً قال:

فجاءت غضبة من الله- تعالى-، فجاءتهم صاعقة بعد التوبة. فصعقتهم فماتوا جميعا. قال:

ثم أحياهم الله من بعد موتهم، وقرأ قوله تعالى: ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. فقال لهم موسى: خذوا كتاب الله، فقالوا لا، فقال: أى شيء أصابكم؟ فقالوا:

أصابنا أننا متنا ثم أحيينا. قال: خذوا كتاب الله، قالوا لا، فبعث الله ملائكة فنتقت الجبل فوقهم) «١» .

قال الإمام ابن كثير: (وهذا السياق يدل على أنهم كلفوا بعد ما أحيوا ثم قال: وقد حكى الماوردي في ذلك قولين:

أحدهما: أنهم سقط التكليف لمعاينتهم الأمر جهرة حتى صاروا مضطرين إلى التصديق.

والثاني: أنهم مكلفون لئلا يخلو عاقل من تكليف «٢» .

وهذا هو الصحيح لأن معاينتهم للأمور الفظيعة لا تمنع تكليفهم، لأن بنى إسرائيل قد شاهدوا أمورا عظاما من خوارق العادات وهم مع ذلك مكلفون وهذا واضح، والله أعلم) «٣» .

وقال ابن جرير: «ولا خبر عندنا بصحة شيء مما قاله من ذكرنا قوله في سبب قيلهم ذلك لموسى تقوم به حجة، فنسلّم لهم، وجائز أن يكون ذلك بعض ما قالوه، فإذا كان لا خبر بذلك تقوم به حجة فالصواب من القول فيه أن يقال: إن الله- جل ثناؤه- قد أخبر عن قوم موسى أنهم قالوا له يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً كما أخبر عنهم أنهم قالوه ... » «٤»

وفي ندائهم لنبيهم باسمه «يا موسى» سوء أدب منهم معه، لأنه كان من الواجب عليهم،


(١) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٩٤.
(٢) تفسير ابن كثير ص ٩٤.
(٣) تفسير ابن كثير ص ٩٤.
(٤) تفسير ابن جرير ج ١ ص ٢٩٣ طبعة الحلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>