للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أنها تعود على إِثْماً

والمتعاطفان بأو يجوز أن يعود الضمير على المعطوف كما في هذه الآية وعلى المعطوف عليه كما في قوله- تعالى- وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً.

الثاني: أنها تعود على الكسب المدلول عليه بالفعل نحو (اعدلوا هو أقرب للتقوى) أى العدل.

الثالث: أنها تعود على أحد المذكورين الدال عليه العطف بأو فإنه في قوة ثم يرم بأحد المذكورين «١» .

وقال الفخر الرازي: واعلم أن صاحب البهتان مذموم في الدنيا أشد الذم ومعاقب في الآخرة أشد العقاب. فقوله: فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً

إشارة إلى ما يلحقه من الذم العظيم في الدنيا. وقوله وَإِثْماً مُبِيناً

إشارة إلى ما يلحقه من العقاب العظيم في الآخرة «٢» .

وبهذا نرى أن هذه الآيات الثلاثة قد بينت مراتب العصاة أمام الله- تعالى وفتحت لهم باب التوبة ليثوبوا إلى رشدهم، وتوعدت المصرين على معاصيهم بسوء المصير.

ثم بين- سبحانه- مظاهر فضله على نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ.

أى: ولولا فضل الله عليك ورحمته بك- يا محمد- بأن وهبك النبوة، وعصمك من كيد الناس وأذاهم، وأحاطك علما بما يبيتونه من سوء لولا ذلك لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ

أى: من هؤلاء الذين يختانون أنفسهم وهم طعمة وأشياعه الذين دافعوا عنه، ومن كان على شاكلتهم في النفاق والجدال بالباطل أَنْ يُضِلُّوكَ

أى: لهمت طائفة من هؤلاء الذين في قلوبهم مرض أن يضلوك عن القضاء بالحق بين الناس، ولكن الله- تعالى- حال بينهم وبين هذا الهم بإشعارهم بأن ما يفعلونه معك من سوء سيكشفه الله لك عن طريق الوحى.

وقوله وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ

أى: أنهم بمحاولتهم إخفاء الحق والدفاع عن الخائن، وتعاونهم على الإثم والعدوان، ما يضلون إلا أنفسهم، لأن سوء عاقبة ذلك ستعود عليهم وحدهم، أما أنت يا محمد فقد عصمك الله من شرورهم، وحماك من كل انحراف عن الحق والعدل.

وقوله وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ

معطوف على ما قبله. أى هم بمحاولتهم إخفاء الحق


(١) تفسير الجمل ج ١ ص ٤٢٤
(٢) تفسير الفخر الرازي ج ١١ ص ٢٨ [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>