للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى أَوْ دَماً مَسْفُوحاً «١» وهي خاصة. والآية التي معنا عامة. والخاص مقدم على العام.

وكان أهل الجاهلية يجعلونه في الماعز ويشوونه ويأكلونه، فحرمه الله- تعالى- لأنه يضر الأجسام. أما الدم الذي يكون جامدا بأصل خلقته كالكبد والطحال فإنه حلال كما جاء في حديث ابن عمر الذي سقناه منذ قليل.

وثالث هذه المحرمات ما جاء في قوله- تعالى- وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ أى: وحرم عليكم لحم الخنزير وكذلك شحمه وجلده وجميع أجزائه، لأنه مستقذر تعافه الفطرة، وتتضرر به الأجسام.

وخص لحم الخنزير بالذكر مع أن جميع أجزائه محرمة لأنه هو المقصود بالأكل قال ابن كثير ما ملخصه: وقوله- تعالى-: وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ يعنى إنسيه ووحشيه، واللحم يعم جميع أجزائه حتى الشحم. كما هو المفهوم من لغة العرب، ومن العرف المطرد.. وفي الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود. ويستصبح بها الناس؟ فقال:

لا. هو حرام: ثم قال: قاتل الله اليهود. إن الله لما حرم شحومها جملوه- أى أذابوه- ثم باعوه فأكلوا ثمنه» «٢» .

ورابع هذه المحرمات بينه- سبحانه- بقوله: وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ.

الإهلال: رفع الصوت عند رؤية الهلال ثم استعمل لرفع الصوت مطلقا. ومنه: إهلال الصبى أى: صراخه بعد ولادته، والإهلال بالحج أى رفع الصوت بالتلبية.

وكانوا في الجاهلية إذا أرادوا ذبح ما قربوه إلى آلهتهم، سموا عليها أسماءها- كاللات والعزى- ورفعوا بها أصواتهم، وسمى ذلك إهلالا. ثم توسع فيه فقيل لكل ذابح: مهل سمى أو لم يسم. جهر بالتسمية أو لم يجهر.

والمعنى: وحرم عليكم- سبحانه- أن تأكلوا مما ذبح فذكر عليه عند ذبحه غير اسم الله تعالى- سواء اقتصر على ذكر غيره كقوله عند الذبح باسم الصنم فلان، أو باسم المسيح أو عزير أو فلان، أو جمع بين ذكر الله وذكر غيره بالعطف عليه كقوله: باسم الله واسم فلان.

أما إذا جمع الذابح بين اسم الله واسم غيره بدون عطف بأن قال: باسم الله المسيح نبي الله، أو باسم الله محمد رسول الله، فالأحناف يجوزون الأكل من الذبيحة ويعتبرون ذكر غير الله كلاما مبتدأ بخلاف العطف فإنه يكون نصا في ذكر غير الله.


(١) الآية ١٤٥ من سورة الأنعام.
(٢) ابن كثير ج ٢ ص ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>