والاستقسام: طلب معرفة ما قسم للإنسان من خير أو شر.
والأزلام: قداح الميسر واحدها زلم- بفتح اللام وبفتح الزاى أو ضمها- وسميت قداح الميسر بالأزلام، لأنها زلمت أى سويت، ويقال: رجل مزلم وامرأة مزلمة، إذا كان جيد القد، جميل القوام.
وكان لأهل الجاهلية طرق للاستقسام بالأزلام من أشهرها: أنه كانت لديهم سهام مكتوب على أحدها: أمرنى ربي وعلى الآخر: نهاني ربي. والثالث غفل من الكتابة، فإذا أرادوا سفرا أو حربا أو زواجا أو غير ذلك أتوا إلى بيت الأصنام واستقسموها فإن خرج الآمر أقدموا على ما يريدونه وإن خرج الناهي أمسكوا عنه، وإن خرج الغفل أجالوها ثانية حتى يخرج الآمر أو الناهي.
والمعنى: وحرم عليكم- سبحانه- أن تطلبوا معرفة ما قسم لكم في سفر أو غزو أو زواج أو ما يشبه ذلك بواسطة الأزلام، لأن هذا الفعل فسق، أى: خروج عن أمر الله وطاعته.
فاسم الإشارة «ذلكم» يعود إلى الاستقسام بالأزلام خاصة. ويجوز أن يعود إليه وإلى تناول ما حرم عليهم.
قال ابن كثير: وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما دخل الكعبة، وجد إبراهيم وإسماعيل مصورين فيها. وفي أيديهما الأزلام. فقال صلّى الله عليه وسلّم:«قاتلهم الله. لقد علموا أنهما لم يستقسما بها أبدا» .
وثبت في الصحيحين أيضا أن سراقة بن مالك بن جعشم لما خرج في طلب النبي صلّى الله عليه وسلّم وأبى بكر، وهما ذاهبان إلى المدينة مهاجرين: قال فاستقسمت بالأزلام. هل أضرهم أولا؟ فخرج الذي أكره: لا تضرهم، قال: فعصيت الأزلام واتبعتهم. ثم استقسم بها ثانية وثالثة. كل ذلك يخرج الذي يكره: لا تضرهم. وكان كذلك وكان سراقة لم يسلم إذ ذاك، ثم أسلم بعد ذلك» «١» .
فإن قيل إن الاستقسام بالأزلام هو لون من التفاؤل، وكان صلّى الله عليه وسلّم يحب الفأل الحسن فلم صار فسقا؟
فالجواب أن هناك فرقا واسعا بين الاستقسام بالأزلام وبين الفأل فإن الفأل أمر اتفاقي تنفعل به النفس وتنشرح للعمل مع رجاء الخير منه بخلاف الاستقسام بالأزلام فان القوم كانوا يستقسمون بالأزلام عند الأصنام ويعتقدون أن ما يخرج من الأمر والنهى على تلك الأزلام