والاستفهام في قوله أَتَعْبُدُونَ لإنكار واقعهم والتعجيب مما وقع منهم، وتوبيخهم على جهلهم وغفلتهم.
وما في قوله ما لا يَمْلِكُ يجوز أن تكون موصولة بمعنى الذي وأن تكون نكرة موصوفة.
والجملة بعدها صلة فلا محل لها أو صفة فمحلها النصب.
وقوله يَمْلِكُ من الملك بمعنى حيازة الشيء والتمكن من التصرف فيه بدون عجز.
والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء الضالين من النصارى وأشباههم في الكفر والشرك قل لهم:
أتعبدون معبودات غير الله- تعالى- هذه المعبودات وأشباههم في الكفر والشرك قل لهم:
كالمرض والفقر، ولا تملك أيضا أن تنفعكم بشيء من النفع كبسط الرزق ودفع الضر وغير ذلك مما أنتم في حاجة إليه.
فالمراد بما لا يملك: كل ما عبد من دون الله من حجر أو وثن أو غيرهما فتكون «ما» للعموم وليست كناية عن عيسى وأمه فحسب.
وقد سار على هذا المعنى ابن كثير فقال: يقول- تعالى- منكرا على من عبد غيره من الأصنام والأوثان والأنداد، ومبينا له أنها لا تستحق شيئا من الألوهية فقال- تعالى- قُلْ أى: يا محمد لهؤلاء العابدين غير الله من سائر فرق بنى آدم ودخل في ذلك النصارى وغيرهم أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً «١» .
ويرى كثير من المفسرين أن المراد بقوله: ما لا يَمْلِكُ عيسى- عليه السلام- أو هو وأمه لأن الكلام مع النصارى الذين قال بعضهم: إن الله المسيح ابن مريم. وقال آخرون منهم: إن الله ثالث ثلاثة، فتكون الآية دليلا آخر- بعد الأدلة السابقة- على فساد أقوال النصارى في عيسى وأمه مريم.
والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء النصارى أتعبدون- من دون الله- عيسى وأمه وهما لا يستطيعان أن يضراكم بشيء من الضرر في الأنفس والأموال، ولا أن ينفعاكم بشيء من النفع كإيجاد الصحة والخصب والسعة، لأن الضر والنفع من الله وحده وكل ما يستطيعه البشر من المضار أو المنافع هو بتمكين الله لهم وليس بقدرتهم الذاتية.