ثم تحدثت السورة الكريمة عن طبائع المعاندين، وأنذرتهم بسوء المصير إذا ما استمروا في عتوهم وجحودهم، وساقت لهم- ليعتبروا، ما حل بالمكذبين الذين سبقوهم والذين كانوا أشد منهم قوة وأكثر جمعا، فعليهم أن يفيئوا إلى رشدهم حتى لا يصيبهم ما أصاب المكذبين من قبلهم.
ثم تأخذ السورة بعد ذلك في تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم فترسم صورة عجيبة لمكابرة المشركين وأنهم قد غدوا- لانطماس بصيرتهم واستيلاء الجحود على قلوبهم- لا يجدي معهم توجيه أو دليل، حتى أنهم لو نزل عليهم كتاب من السماء فلمسوه بأيديهم، وقرءوه بأعينهم، وعرفوا منه صدق نبوتك يا محمد، لقالوا بعد كل ذلك إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ.
فإذا ما وصلنا إلى الربع الثاني من سورة الأنعام، ألفيناها تسوق حشودا من البراهين الدالة على وحدانية الله وقدرته بطريقة تحمل الترغيب تارة والترهيب أخرى، وبأسلوب يسكب في القلوب السكينة والطمأنينة، ويقنع العقول السليمة بأن المستحق للعبادة والخضوع إنما هو الله وحده.