قوله- تعالى-: فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ أى: ألقى إليهما إبليس الوسوسة، والوسوسة في الأصل الصوت الخفى، ومنه قيل لصوت الحلي. وسواس. والمراد بها هنا: الحديث الخفى الذي يلقيه الشيطان في قلب الإنسان ليقارف الذنب.
وقوله: لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما. وُورِيَ من المواراة وهي الستر.
والسوءة. فرج الرجل والمرأة، من السوء. وسميت بذلك، لأن انكشافها يسوء صاحبها. وقيل الكلام كناية عن إزالة الحرمة وإسقاط الجاه.
والمعنى: أن إبليس وسوس إلى آدم وحواء بأن يأكلا من الشجرة المحرمة لتكون عاقبة ذلك أن يظهر لهما ما ستر عنهما من عوراتهما، وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر. وفي هذا التعبير تصريح بأن كشف العورة من أقبح الفواحش التي نهى الله- تعالى- عنها.
وقد حكى القرآن أن إبليس لم يكتف بالوسوسة، وإنما خدعهما بقوله: ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ.
أى قال لهما: ما نهاكما عن الأكل من هذه الشجرة إلا كراهية أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين الذين لا يموتون ويبقون في الجنة ساكنين.
وقوله: إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ استثناء مفرغ من المفعول لأجله بتقدير مضاف أو حذف حرف النفي ليكون علة. أى كراهية أن تكونا ملكين.
ثم حكى القرآن أن إبليس لم يكتف بالوسوسة أو بالقول المجرد، وإنما أضاف إلى ذلك القسم المؤكد فقال: وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ أى: أقسم لهما بالله إنه لهما لمن الناصحين المخلصين الذين يسعون لما فيه منفعتهما.
قال الآلوسى: إنما عبر بصيغة المفاعلة للمبالغة، لأن من يبارى أحدا في فعل يجد فيه. وقيل