للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخلق السموات والأرض وما بينهما في لمحة ولحظة، فخلقهن في ستة أيام تعليما لخلقه التثبت والتأنى في الأمور» «١» .

وقوله: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ قال الشيخ القاسمى:

ورد الاستواء على معان اشترك لفظه فيها، فجاء بمعنى الاستقرار، ومنه اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وبمعنى القصد ومنه ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ وكل من فرغ من أمر وقصد لغيره فقد استوى له وإليه. قال الفراء: تقول العرب استوى إلى يخاصمني أى: قصد لي وأقبل على. ويأتى بمعنى الاستيلاء.

قال الشاعر: ... قد استوى بشر على العراق

ويأتى بمعنى العلو ومنه هذه الآية.

قال البخاري في آخر صحيحه في كتاب الرد على الجهمية في باب قوله- تعالى-: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ. قال مجاهد: استوى وعلا على العرش.

وقال ابن راهويه: سمعت غير واحد من المفسرين يقول: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى أى: علا وارتفع «٢» .

وعرش الله- كما قال الراغب- مما لا يعلمه البشر إلا بالاسم، وليس كما تذهب إليه أوهام العامة، فإنه لو كان كذلك لكان حاملا له- تعالى الله عن ذلك- لا محمولا.

وقد ذكر العرش في إحدى وعشرين آية. وذكر الاستواء على العرش في سبع آيات.

أما الاستواء على العرش فذهب سلف الأمة إلى أنه صفة الله- تعالى- بلا كيف ولا انحصار ولا تشبيه ولا تمثيل لاستحالة اتصافه- سبحانه- بصفات المحدثين، ولوجوب تنزيهه عما لا يليق به «ليس كمثله شيء وهو السميع البصير» وأنه يجب الإيمان بها كما وردت وتفويض العلم بحقيقتها إليه- تعالى-.

فعن أم سلمة- رضى الله عنها- في تفسير قوله- تعالى-: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى أنها قالت: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإقرار به من الإيمان، والجحود به كفر.

وقال الإمام مالك: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.


(١) تفسير فتح البيان للشيخ صديق حسن خان ج ٢ ص ٣٤٢. [.....]
(٢) تفسير القاسمى ج ٧ ص ٢٨٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>