للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السيئة، بل يعفو ويصفح، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله) «١» .

كذلك مما يشهد بوجود النبي صلّى الله عليه وسلّم في التوراة، ما أخرجه الإمام أحمد عن أبى صخر العقيلي قال: (حدثني رجل من الأعراب فقال: جلبت حلوبة «٢» . إلى المدينة في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم فلما فرغت من بيعي قلت لألقين هذا الرجل فلأسمعن منه، قال: فتلقاني بين أبى بكر وعمر يمشيان، فتبعتهم حتى إذا أتوا على رجل من اليهود وقد نشر التوراة يقرؤها يعزى بها نفسه عن ابن له في الموت كأجمل الفتيان وأحسنها، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنشدك بالذي أنزل التوراة هل تجد في كتابك هذا صفتي ومخرجي) فقال برأسه هكذا، أى: لا، فقال ابنه: أى والذي أنزل التوراة إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك، وإنى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم «أقيموا اليهودي عن أخيكم» ثم تولى كفنه والصلاة عليه.

هذا، ومن أراد مزيد معرفة بتلك المسألة فليراجع ما كتبه العلماء في ذلك «٣» .

ثم وصف الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم بصفة خامسة فقال تعالى: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ أى هذا الرسول النبي الأمى الذي يجده أهل الكتاب مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل من صفاته كذلك أنه يأمرهم بالمعروف الذي يتناول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر كما يتناول مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وغير ذلك من الأمور التي جاء بها الشرع الحنيف. وارتاحت لها العقول السليمة، والقلوب الطاهرة وينهاهم عن المنكر الذي يتناول الكفر والمعاصي ومساوئ الأخلاق.

ثم وصف الله- تعالى- رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم بصفة سادسة فقال تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ أى: يحل لهم ما حرمه الله عليهم من الطيبات كالشحوم وغيرها بسبب ظلمهم وفسوقهم عقوبة لهم، ويحل لهم كذلك ما كانوا قد حرموه على أنفسهم دون أن يأذن به الله كلحوم الإبل وألبانها، ويحرم عليهم ما هو خبيث كالدم ولحم الميتة والخنزير في المأكولات، وكأخذ الربا وأكل أموال الناس بالباطل في المعاملات وفي ذلك سعادتهم وفلاحهم.

ثم وصف الله تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم بصفة سابعة فقال تعالى: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ.

الإصر: الثقل الذي يأصر صاحبه. أى بحبسه عن الحركة لثقله، ويطلق على العهد كما في


(١) صحيح البخاري. باب «كراهة الصخب في الأسواق» من «كتاب البيوع» ج ٣ ص ٨٣. [.....]
(٢) الحلوية: الشاة ذات اللبن وهي للواحد وللجمع.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>