للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أصح التقديرين. وفيها تقدير ثالث أن تكون «من» في موضع رفع بالابتداء: أى ومن اتبعك من المؤمنين فحسبهم الله.

وفيها تقدير رابع وهو خطأ من جهة المعنى، وهو أن يكون «من» في موضع رفع عطفا على اسم الله. ويكون المعنى: حسبك الله وأتباعك.

هذا وإن قال به بعض الناس فهو خطأ محض، لا يجوز حمل الآية عليه، فإن الحسب والكفاية لله وحده، كالتوكل والتقوى والعبادة ... » «١» .

ثم أمر الله- تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم بتحريض المؤمنين على القتال من أجل إعلاء كلمة الحق، فقال- تعالى-: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ....

وقوله: حَرِّضِ من التحريض بمعنى الحث على الشيء بكثرة التزيين له، وتسهيل الأمر فيه حتى تقدم عليه النفس برغبة وحماس.

قال الراغب: الحرض ما لا يعتد به ولا خير فيه، ولذلك يقال لمن أشرف على الهلاك حرض. قال- تعالى- حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ..

والتحريض: الحث على الشيء.. فكأنه في الأصل إزالة الحرض نحو حرضته وقذيته أى: أزلت عنه الحرض والقذى..» «٢» .

والمعنى: يا أيها النبي بالغ في حث المؤمنين وإحمائهم على القتال بصبر وجلد، من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل.

ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرض أصحابه على القتال عند صفهم ومواجهة الأعداء كما قال لأصحابه يوم بدر حين أقبل المشركون في عددهم وعددهم: «قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض» . فقال عمير بن الحمام: عرضها السموات والأرض؟ فقال رسول الله: نعم. فقال عمير: بخ بخ، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما يحملك على قولك بخ بخ» ؟ قال:

رجاء أن أكون من أهلها، قال صلى الله عليه وسلم «فإنك من أهلها» فتقدم الرجل فكسر جفن سيفه وأخرج تمرات فجعل يأكل منهن» ثم ألقى بقيتهن من يده وقال: لئن أنا حييت حتى آكلهن، إنها لحياة طويلة، ثم تقدم فقاتل حتى قتل- رضى الله عنه- «٣» .

وقوله:


(١) تفسير القاسمى ج ٨ ص ٣٠٣٠.
(٢) المفردات في غريب القرآن ص ١١٣.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٣٢٤. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>