للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد. ولا أقل من الواحد، فدل بقوله. فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ على أنه ينصره في المستقبل كما نصره في ذلك الوقت.

والثاني. أنه أوجب له النصرة وجعله منصورا في ذلك الوقت، فلن يخذل من بعده، «١» .

وقوله: ثانِيَ اثْنَيْنِ حال من الهاء في قوله أَخْرَجَهُ أى أخرجه الذين كفروا حال كونه منفردا عن جميع الناس إلا أبا بكر الصديق- رضى الله عنه-.

وقوله: إِذْ هُما فِي الْغارِ بدل من قوله إِذْ أَخْرَجَهُ.

والغار: النقب العظيم يكون في الجبل. والمراد به هنا: غار جبل ثور. وهو جبل في الجهة الجنوبية لمكة، وقد مكثا فيه ثلاثة أيام.

وقوله: إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا بدل ثان من قوله إِذْ أَخْرَجَهُ.

أى. إلا تنصروه فقد نصره الله وقت أن أخرجه الذين كفروا من مكة، ووقت أن كان هو وصاحبه أبو بكر في الغار، ووقت أن كان صلى الله عليه وسلم يقول لصاحبه الصديق: لا تحزن إن الله معنا بتأييده ونصره وحمايته.

وذلك أن أبا بكر وهو مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، أحس بحركة المشركين من فوق الغار، فخاف خوفا شديدا لا على حياته هو، وإنما على حياة النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم منه ذلك، أخذ في تسكين روعه وجزعه وجعل يقول له: لا تحزن إن الله معنا.

أخرج الشيخان عن أبى بكر قال. نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار، وهم على رءوسنا، فقلت. يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه، فقال:

«يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا» «٢» .

وقوله: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها.. بيان لما أحاط الله به نبيه- صلى الله عليه وسلم- من مظاهر الحفظ والرعاية.

والسكينة: من السكون، وهو ثبوت الشيء بعد التحرك. أو من السكن- بالتحريك- وهو كل ما سكنت إليه نفسك، واطمأنت به من أهل وغيرهم.

والمراد بها هنا: الطمأنينة التي استقرت في قلب النبي صلى الله عليه وسلم فجعلته لا يبالى بجموع المشركين المحيطين بالغار، لأنه واثق بأنهم لن يصلوا إليه.


(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٢٧٢.
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة التوبة ج ٦ ص ٨٣ وأخرجه مسلم في كتاب «فضائل الصحابة» ج ٧ ص ١٠٨. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>