أى: استأذنوك في القعود مع غناهم وقدرتهم على القتال، لأنهم لخلو قلوبهم من الإيمان، ولسقوط همتهم وجبنهم، رضوا لأنفسهم أن يقبعوا في المدينة مع الخوالف من النساء والصبيان والعجزة.
وقوله: وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ بيان لسوء مصيرهم.
أى: وبسبب هذا الإصرار على النفاق، والتمادي في الفسوق والعصيان، ختم الله- تعالى- على قلوبهم، فصارت لا تعلم ما يترتب على ذلك من مصائب دينية ودنيوية وأخروية.
وقوله: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ، إخبار عما سيقولونه للمؤمنين عند لقائهم بهم.
أى: أن هؤلاء المنافقين المتخلفين عن الجهاد مع قدرتهم عليه، سيعتذرون إليكم- أيها المؤمنون- إذا رجعتم إليهم من تبوك، بأن يقولوا لكم مثلا: إن قعودنا في المدينة وعدم خروجنا معكم كانت له مبرراته القوية. فلا تؤاخذنا.
وهذه الجملة الكريمة من الأنباء التي أنبأ الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم عن أحوال المنافقين وعما سيقولونه له وللمؤمنين بعد عودتهم إليهم، وهذا يدل على أن هذه الآيات نزلت في أثناء العودة، وقبل وصول الرسول وأصحابه إلى المدينة من تبوك.
وقوله: قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ، إبطال لمعاذيرهم، وتلقين من الله- تعالى- لرسوله بالرد الذي يخرس ألسنتهم.
أى: قل لهم- أيها الرسول الكريم- عند ما يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم، قل لهم:
دعوكم من هذه المعاذير الكاذبة، ولا تتفوهوا بها أمامنا، فإننا «لن نؤمن لكم» ولن نصدق أقوالكم، فإن الله، تعالى. قد كشف لنا عن حقيقتكم ووضح لنا أحوالكم، وبين لنا ما أنتم عليه من نفاق وفسوق وعصيان، وما دام الأمر كذلك، فوفروا على أنفسكم هذه المعاذير الكاذبة.
وقال، سبحانه. قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ ولم يقل قد نبأنى، للإشعار بأن الله- تعالى- قد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ المؤمنين بأحوال هؤلاء المنافقين حتى يكونوا على بينة من أمرهم.
وقوله: وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ تهديد لهم على نفاقهم وكذبهم.
أى: دعوا عنكم هذه الأعذار الباطلة، فإن الله- تعالى- مطلع على أحوالكم، وسيعلم سركم وجهركم علما يترتب عليه الجزاء العادل لكم، ويبلغ رسوله صلى الله عليه وسلم بأخباركم، هذا