للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدوا الزكاة الى الخليفة كما كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال الصديق: «والله لو منعونى عناقا كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه «١» » .

والمعنى: خذ- أيها الرسول الكريم- من أموال هؤلاء المعترفين بذنوبهم، ومن غيرهم من أصحابك «صدقة» معينة، كالزكاة المفروضة، أو غير معينة كصدقة التطوع.

وقوله: تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها بيان للفوائد المترتبة على هذه الصدقة.

أى: من فوائد هذه الصدقة أنها تطهر النفوس من رذائل الشح والبخل والطمع.. وتزكى القلوب من الأخلاق الذميمة، وتنمى الأموال والحسنات قال بعضهم: قوله: «تطهرهم» قرئ مجزوما على أنه جواب للأمر. وقرئ. مرفوعا على أنه حال من ضمير المخاطب في قوله: «خذ» أو صفة لقوله «صدقة» والعائد على الأول محذوف ثقة بما بعده أى: تطهرهم بها ...

وقوله: «وتزكيهم» لم يقرأ إلا بإثبات الياء، على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والجملة حال من الضمير في الأمر أو في جوابه. أى: وأنت تزكيهم بها.

هذا على قراءة الجزم في «تطهرهم» ، وأما على قراءة الرفع فيكون قوله «وتزكيهم بها» معطوف على قوله «تطهرهم» حالا أو صفة «٢» .

وقوله: وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم أى: وادع لهم بالرحمة والمغفرة، وقبول التوبة، فإن دعاءك لهم تسكن معه نفوسهم، وتطمئن به قلوبهم، ويجعلهم في ثقة من أن الله- تعالى- قد قبل توبتهم، فأنت رسوله الأمين، ونبيه الكريم.

فالمراد بالصلاة هنا: الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة.

قال بعضهم: «وظاهر» قوله: «وصل عليهم» أنه يجب على الإمام أو نائبه إذا أخذ الزكاة أن يدعو للمتصدق. وبهذا أخذ داود وأهل الظاهر.

وأما سائر الفقهاء فقد حملوا الأمر هنا على الندب والاستحباب، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: «أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» ولم يأمره بالدعاء..

أما صيغة الدعاء فلم يرد فيها تعيين إلا ما رواه الستة- غير الترمذي من قوله صلى الله عليه وسلم «اللهم صل على آل أبى أوفى» - عند ما أخذ منهم الزكاة-.


(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٣٨٦.
(٢) تفسير القاسمى- بتصرف وتلخيص- ج ٨ ص ٣٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>