أعمالهم، ويشهده جميع الخلائق الذين يؤمرون بشهوده، دون أن يغيب منهم أحد قال صاحب الكشاف: والنَّاسُ رفع باسم المفعول الذي هو مَجْمُوعٌ كما يرفع بفعله إذا قلت يجمع له الناس.
فإن قلت: لأى فائدة أوثر اسم المفعول على فعله؟
قلت: لما في اسم المفعول من دلالة على ثبات معنى الجمع لليوم، وأنه يوم لا بد من أن يكون ميعادا مضروبا لجمع الناس له، وأنه الموصوف بذلك صفة لازمة، وهو أثبت- أيضا- لإسناد الجمع إلى الناس وأنهم لا ينفكون منه.
ونظيره قول المهدد: إنك لمنهوب مالك، محروب قومك، فيه من تمكن الوصف وثباته ما ليس في الفعل ...
والمراد بالمشهود: الذي كثر شاهدوه، ومنه قولهم: لفلان مجلس مشهود، وطعام محضور ... والغرض من ذلك، وصف هذا اليوم بالهول والعظم وتميزه من بين الأيام، بأنه اليوم الذي يشهد فيه الخلائق الموقف لا يغيب عنه أحد ... » «١» .
ثم قال- تعالى- وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ.
والأجل في اللغة: الوقت المضروب لانتهاء مدة معينة، فأجل الإنسان: هو الوقت المحدد لانقضاء عمره.
والمعدود: أصله المحسوب، والمراد به هنا: المحدد بمدة معينة لا يزيد عليها ولا يتأخر عنها.
أى: أننا لا نؤخر هذا اليوم إلا لوقت محدد معلوم لنا، فإذا ما جاء موعد هذا الوقت، حل هذا اليوم الهائل الشديد وهو يوم القيامة، الذي اقتضت حكمتنا عدم إطلاع أحد على موعده.
ثم ذكر- سبحانه- جانبا من أهوال هذا اليوم، ومن أحوال الناس فيه فقال: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ.
والشقي: صفة مشبهة من الفعل شقي، وهو الشخص المتلبس بالشقاوة. والشقاء:
أى سوء الحال- بسبب إيثاره الضلالة على الهداية، والباطل على الحق ...
(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٢٩٢- بتصرف وتلخيص. [.....]