والآيات: جمع آية والمراد بها هنا العبر والعظات والدلائل الدالة على قدرة الله- تعالى- ووجوب إخلاص العبادة له.
والمعنى: لقد كان في قصة يوسف مع إخوته عبر وعظات عظيمة، ودلائل تدل على قدرة الله القاهرة، وحكمته الباهرة، وعلى ما للصبر وحسن الطوية من عواقب الخير والنصر، وعلى ما للحسد والبغي من شرور وخذلان.
وقوله: «للسائلين» أى: لمن يتوقع منهم السؤال، بقصد الانتفاع بما ساقه القرآن الكريم من مواعظ وأحكام.
أى: لقد كان فيما حدث بين يوسف وإخوته، آيات عظيمة، لكل من سأل عن قصتهم، وفتح قلبه للانتفاع بما فيها من حكم وأحكام، تشهد بصدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه.
وهذا الافتتاح لتلك القصة، كفيل بتحريك الانتباه لما يلقى بعد ذلك منها، ومن تفصيل لأحداثها، وبيان لما جرى فيها.
وقوله- سبحانه-: إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ...
بيان لما قاله إخوة يوسف فيما بينهم، قبل أن ينفذوا جريمتهم.
و «إذ» ظرف متعلق بالفعل «كان» في قوله- سبحانه- قبل ذلك: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ ...
واللام في قوله لَيُوسُفُ لتأكيد أن زيادة محبة أبيهم ليوسف وأخيه، أمر ثابت، لا يقبل التردد أو التشكك.
والمراد بأخيه: أخوه من أبيه وأمه وهو «بنيامين» وكان أصغر من يوسف- عليه السلام- أما بقيتهم فكانوا إخوة له من أبيه فقط.
ولم يذكروه باسمه، للإشعار بأن محبة يعقوب له، من أسبابها كونه شقيقا ليوسف، ولذا كان حسدهم ليوسف أشد.
وجملة «ونحن عصبة» حالية. والعصبة كلمة تطلق على ما بين العشرة إلى الأربعين من الرجال، وهي مأخوذة من العصب بمعنى الشد، لأن كلا من أفرادها يشد الآخر ويقويه ويعضده، أو لأن الأمور تعصب بهم. أى تشتد وتقوى.
أى: قال إخوة يوسف وهم يتشاورون في المكر به: ليوسف وأخوه «بنيامين» أحب إلى قلب