للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عملها فاكتبوها له بمثلها وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من أجلى» .

وفي الصحيح: «إن الله تجاوز لأمتى عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به «١» » .

٣- أن من الواجب على المؤمن إذا ما دعى إلى معصية أن يستعيذ بالله من ذلك، وأن يذكّر الداعي له بضررها، وبسوء عاقبة المرتكب لها ... كما قال يوسف- عليه السلام- مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ.

٤- أن يوسف- عليه السلام- قد خرج من هذه المحنة مشهودا له بالبراءة ونقاء العرض، من الله- تعالى- ومن خلقه الذين سخرهم لهذه الشهادة.

قال الإمام الرازي ما ملخصه: واعلم أن الذين لهم تعلق بهذه الواقعة، يوسف- عليه السلام- وتلك المرأة وزوجها، ورب العالمين.. والكل شهد ببراءة يوسف عن المعصية، أما يوسف- عليه السلام- فقد قال «هي راودتني عن نفسي» وقال: «رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه» ..

وأما امرأة العزيز فقد قالت: «أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين» .

وأما زوجها فقد قال: «إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم..» .

أما شهادة رب العالمين ببراءته ففي قوله- تعالى-: كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ.

فقد شهد الله- تعالى- على طهارته في هذه الآية أربع مرات، أولها: لنصرف عنه السوء» وثانيها «الفحشاء» وثالثها «إنه من عبادنا» ورابعها «المخلصين» «٢» .

٥- أن موقف العزيز من امرأته كان موقفا ضعيفا متراخيا ... وهذا الموقف هو الذي جعل تلك المرأة المتحكمة في زمام زوجها، تقول بعد ذلك بكل تبجح وتكشف واستهتار: «ولقد راودته عن نفسه فاستعصم، ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن، وليكونا من الصاغرين» .

٦- أن القرآن الكريم صور تلك المحنة في حياة يوسف وامرأة العزيز، تصويرا واقعيا صادقا، ولكن بأسلوب حكيم، بعيد عما يخدش الحياء أو يجرح الشعور قال بعض العلماء: «والذي خطر لي أن قوله- تعالى-: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ هو نهاية موقف طويل من الإغراء، بعد ما أبى يوسف في أول الأمر


(١) تفسير القرطبي ج ٩ ص ١٦٨.
(٢) تفسير الفخر الرازي ج ١٨ ص ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>