وتَطَوَّعَ من التطوع وهو فعل الطاعة فريضة كانت أو نافلة، وقيل هو التطوع بالنفل خاصة.
وشاكِرٌ من الشكر، والشاكر في اللغة هو المظهر للإنعام عليه، وذلك محال في حق الله- تعالى-، إذ هو المنعم على خلقه، فوجب حمل شكر الله لعباده على معنى مجازاتهم على ما يعملون من خيرات، وإثابتهم على ذلك بالثواب الجزيل.
قال الإمام الرازي: وإنما سمى- سبحانه- المجازاة على الطاعة شكرا لوجوه:
الأول: أن اللفظ خرج مخرج التلطف مع العباد مبالغة في الإحسان إليهم، كما في قوله- تعالى-: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وهو- سبحانه- لا يستقرض من عوز، ولكنه تلطف في الاستدعاء كأنه قيل: من ذا الذي يعمل عمل المقرض. بأن يقدم فيأخذ أضعاف ما قدم.
الثاني: أن الشكر لما كان مقابلا للإنعام أو الجزاء عليه، سمى كل ما كان جزاء شكرا على سبيل التشبيه.
الثالث: كأنه يقول: أنا وإن كنت غنيا عن طاعتك، إلا أنى أجعل لها من الموقع بحيث لو صح على أن أنتفع بها لما ازداد وقعه على ما حصل.
وبالجملة فالمقصود أن طاعة العبد مقبولة عند الله، وواقعة موقع القبول في أقصى الدرجات «١» .
ومِنْ شرطية.
وتَطَوَّعَ فعل الشرط، وخَيْراً منصوب على نزع الخافض، وأصله بخير لأن تطوع يتعدى بالباء ولا يتعدى بنفسه ثم حذفت الباء في نظم الكلام نحو: تمرون الديار فلم تعوجوا.
أو هو منصوب على أنه نعت لمصدر محذوف أى: تطوعا خيرا، وجملة فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ دليل على جواب الشرط، إذ التقدير، ومن تطوع خيرا جوزي فإن الله شاكر عليم.
والمعنى: ومن تطوع بالخيرات وأنواع الطاعات، أو من أتى بالحج أو العمرة طاعة لله، أو من أتى بهما مرة بعد مرة زيادة على المقروض أو الواجب عليه، فاز بالثواب الجزيل، والنعيم المقيم لأن من صفاته- سبحانه- مجازاة من يحسنون العمل، وهو عليم بكل ما يصدر عن عباده، ولن يضيع أجر من أحسن عملا.
هذا، وقد اختلفت أقوال الفقهاء في حكم السعى بين الصفا والمروة.
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٤ ص ١٨٢ طبعة عبد الرحمن محمد.